يعدّ التغيّر المناخي ومستقبل الطاقة والمياه من أبرز القضايا التي تحظى باهتمام خاص في دولة الإمارات، حيث تعتبر هذه القضايا من الأولويات الاستراتيجية التي باتت تستحوذ على اهتمام كبير من قِبل دول العالم في الآونة الأخيرة؛ لعلاقتها الوثيقة بالتنمية والأمن، وكونها من أخطر التحدّيات المعاصرة، وأبرز مؤشرات ذلك، ما تشهده مناطق عدة حولنا من تغيّرات مناخية حادّة تعبّر عن نفسها في ظواهر الاحتباس الحراري والتصحر وتلوث البيئة، فضلاً عن مشكلات النقص المتزايد في المياه لازدياد الطلب عليها لأغراض مختلفة.

وتُولي دولة الإمارات، ودول الخليج العربية بشكل عام، قضايا البيئة والتغيّر المناخي ومستقبل المياه اهتماماً استثنائيّاً لأنه ليس في مقدور أي دولة أن تُواصل مسيرة التنمية والتطوير في المجالات كافة دون أن تكون قادرة على تحقيق أمنها المائي والحفاظ على البيئة، خاصة في منطقتنا التي تعاني ندرة واضحة في المياه، وتشهد زيادة سكانية مستمرة، حيث تمثّل هذه العوامل ضغطًا على الموارد المائية المتاحة، وتتطلّب إدارة رشيدة ومستدامة لها، وهو ما خطّطت له دولة الإمارات مبكرّاً، على النحو الذي أَسّس لآليات رصينة لهذه الإدارة، حيث وضَعت نهجاً متعدّد المسارات يستند إلى مبادئ الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ويستهدف إدارة الطلب المتزايد على المياه والتقليل من الإجهاد الذي يتعرّض لها المخزون الجوفي. وجاءت الاستراتيجية الوطنية للمحافظة على الموارد المائية التي أعدّتها وزارة البيئة والمياه عام 2010 لترسّخ هذا النهج.

ويؤكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في المحافل كافة، أن المياه تشكل أهمية كبرى تفوق أهمية النفط بالنسبة إلى دولة الإمارات، وأن شبه الجزيرة العربية بشكل عام تواجه مشكلة جدّية في هذا الشأن؛ ولهذا يدعو سموه باستمرار إلى ضرورة تركيز الجهود على إجراء الدراسات والبحوث، ووضع الخطط والاستراتيجيات والحلول الملائمة التي من شأنها إيجاد السُّبل الكفيلة بتلبية احتياجات المستقبل، وحفظ الموارد الطبيعية وصونها للأجيال المقبلة.

وبالتزامن مع استعدادات دولة الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «كوب 28»، تنطلق اليوم، في العاصمة أبوظبي، برعاية سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، النسخةُ الثانية من المؤتمر العالمي للمرافق، الذي تستضيفه شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة».

ومن المتوقع، أن يُسهم «المؤتمر» في تحفيز استجابة قطاع المرافق للمساعي الهادفة إلى تحقيق الحياد المناخي، ويؤكد انعقاد هذا المؤتمر على الدور الذي تقوم به الإمارات في تعزيز الجهود العالمية الهادفة إلى مواجهة التحديات المشتركة، من خلال تبادل الأفكار ووضع الحلول المبتكرة للتصدي لهذه التحديات بشكل أكثر فاعلية.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.