في إطار تعزيز الشراكات مع الدول ذات التجارب الناجحة، تبحث القمة العالمية للحكومات 2024، التي تُعقد في الفترة من 12 حتى 14 من فبراير الجاري، حزمة من القضايا والتحديات المُلحة التي يواجهها العالم، من خلال تبادل المعرفة والخبرات حول أفضل الممارسات المُبتكرة لتطوير الأداء الحكومي والمؤسسي، ومشاركة قصص النجاح الملهمة ونقلها إلى مرحلة متقدمة من التمكين والتطبيق.
وانسجاماً مع التوجه الانفتاحي لدولة الإمارات، تُجسِّد هذه القمة، والتي تعد أكبر ملتقى عالمي لأصحاب العقول وصناع القرار والمؤثرين تستضيفه وتديره الدولة سنوياً، رؤية وتوجهات دولة الإمارات الهادفة إلى تطوير منصة عالمية لتصميم مستقبل الحكومات من أجل خدمة الإنسانية، وكذلك توفير حاضنة لدعم النماذج المستقبلية لأداء الحكومات، بما يُسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي في دول العالم أجمع. 
وفي الواقع، فإن فعاليات الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات، تحمل العديد من الدلالات التي تعكس المكانة المتعاظمة لدولة الإمارات والثقة الدولية المتزايدة في نجاحات الدورات السابقة للقمة برسم خريطة طريق لمستقبل العمل الحكومي، وتبرز تلك النجاحات من خلال ثلاثة مؤشرات رئيسية، هي: حجم المشاركة في القمة، وجدول أعمال القمة، وتوقيت انعقاد القمة.
فعلى مستوى حجم المشاركة، تضم القمة، التي تعقد تحت شعار «استشراف حكومات المستقبل»، 120 وفداً حكومياً وأكثر من 85 منظمة دولية وإقليمية ومؤسسة عالمية، بالإضافة إلى حضور أكثر من 4000 مشارك، وهو ما يجعلها بمثابة نقطة انطلاق جديدة نحو صياغة الحلول والتوجهات المشتركة لمواجهة التحديات المستقبلية.
وفيما يتعلق بجدول أعمال القمة، فإنها تشهد انعقاد أكثر من 23 اجتماعاً وزارياً وجلسة تنفيذية بحضور أكثر من 300 وزير، ضمن 6 محاور رئيسة تشمل مناقشة العديد من القضايا الحيوية، مثل تعزيز وتيرة النمو، والتغيير لحكومات فعالة، والذكاء الاصطناعي، والآفاق المستقبلية الجديدة للتنمية واقتصادات المستقبل، ومستقبل التعليم، وتطلعات مجتمعات الغد والاستدامة، والتحولات العالمية الجديدة، والتوسع الحضري، وأولويات الصحة العالمية.
أما عن توقيت القمة، فإنها تأتي بالتوازي مع الحراك التنموي الشامل الذي تقوده دولة الإمارات عبر العديد من المبادرات والفعاليات، منها على سبيل المثال لا الحصر، استضافة مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ COP28، نهاية العام المُنصرم، والذي يُعد أهم وأكبر مؤتمر دولي للعمل المناخي، بعدما حطَّم الأرقام القياسية السابقة، وأصبح الأكثر حضوراً في تاريخ مؤتمرات المناخ، بما يقرب من 65 ألف مشارك أساسي.
وفيما يعكس ديمومة التطور الطبيعي الذي شهدته الدورات السابقة من القمة، يبدو التغيير في ملامح الدورة الحالية من خلال عاملَين رئيسيَين، هما الوجود العربي الفاعل، حيث يشارك في أعمال القمة أكثر من 100 وزير عربي، وتصدُّر «الذكاء الاصطناعي» أبرز محاور جدول أعمال القمة، لما يشكله هذا المجال من تأثير عميق بدأ يظهر على مختلف القطاعات المحورية، وما سيجلبه من تحولات هيكلية وتطورات كبرى في حياة المجتمعات.
لقد باتت القمة العالمية للحكومات تؤدي دوراً ريادياً عالمياً في تحديث وتطوير العمل الحكومي على المستوى العالمي، وتعزز استقراره، ومما لا شك فيه أنَّ تحوُّل القمة إلى منتدى عالمي يجمع تحت مظلته نُخبة من قادة الدول والمسؤولين الحكوميين العالميين والمنظمات الدولية وقادة الفكر والقطاع الخاص، يدل على أنه يوفر فرصة مثالية لتوثيق التعاون بين الشعوب وتبادل النظرة المستقبلية حول العمل الحكومي الذي تتفوق فيه الفرص على التحديات، ومثل هذا الدور الفريد لمنصة القمة العالمية للحكومات، يجعل من دولة الإمارات مساهماً فاعلاً في صياغة مستقبل العالم، ومشاركاً رئيسياً في بناء عالم الغد.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.