بعد حدوث الأمطار والسيول التي شهدتها عدد من دول مجلس التعاون الخليجي في الآونة الأخيرة، والتي تسببت في بعض الخسائر المادية المحدودة قياساً إلى ما تفعله أمطار مماثلة في بلدان أخرى معتادة أصلاً على مثل هذه الأمطار الغزيرة.. كثرت على نحو لافت للنظر إعلانات تجارية ينشرها أصحابها على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، يعرضون فيها بيع سيارات يزعمون أنها متضررة من الأمطار أو بضائع أخرى تشمل ملابس وأغطية وغيرها، يقولون إنها للبيع بأسعار منخفضة للغاية بحجة أنها تضررت من الأمطار الأخيرة. لكن معظم هذه الإعلانات لا أساس له من الصحة، وأصحابها ليست لديهم سيارات ولا بضائع ولا محلات للبيع، متضررة كانت أم غير متضررة.
أما البعض الآخر من تلك الإعلانات المنشورة عبر التواصل الاجتماعي، خاصة منها تلك التي تعلن عن محل تضرر من مياه الأمطار فقرر صاحبُه تصفيتَه نهائياً ومن ثم فهو يرغب في بيع بضائعه بأقل من سعر التكلفة، فإنها مجرد طعم أو فخ لجذب الزبون كي يدخل المحل ومن ثم تنشأ لديه رغبة الشراء أو لدى أحد أفراد أسرته أو حتى زملائه وأصدقائه الذين يأتون هم أيضاً بدافع الوهم نفسه حول وجود بضائع برخص التراب!وحين تذهب للمحل المعني بالإعلان المذكور، حسب العنوان المرفق بالإعلان نفسه، تجد أن الأمر على خلاف ما أُعلن عنه، بل على العكس منه تماماً، إذ أن أسعار ما هو معروض من بضائع في المحل تماثل وقد تفوق نظيراتها في المحلات التجارية الأخرى التي لم يدّع أصحابها التضررَ كما هو الشأن في كل الأسواق! يذهب الزبائن وتأتي العوائل إلى المحل فيتجمهر أمامه الناس وتتسبب سياراتهم في إحداث زحمة بالشارع العام، ويتكبد الجميع قطع المسافة وتضييع الوقت، رغبةً في شراء البضاعة الرخيصة حسب الإعلان المنشور.. ليتفاجؤوا بأن المعروض ليس أرخص من غيره في باقي المحلات، وأن الإعلان كان تسويقاً مزيفاً وخدعةً لجذب الزبائن والتغرير بهم، وأنهم بالفعل قد انخدعوا بنوع جديد من الدعاية والتضليل التجاري! وحين تسأل صاحب المحل المعني الذي أعلن عن بيع بضاعته بسعر زهيد، بحجة أنها تضررت وأنه قرر تصفية المحل وإغلاقه، حين تسألُه عن السبب الذي جعله يخدع الزبائن بهذا الأسلوب الكاذب والمضلل، ربما رد عليك بالقول: «ماني مسؤول عن الأغبياء»!
بل قد يفاخر بأنه استطاع خداع الزبائن وجذب العوائل التي أتت من مسافات بعيدة، وهي تنتظر في طوابيرَ أمام محله لتشتري «البضاعة الرخيصة» حسب أعلانه الكاذب! وهنا يتساءل الزبون المتضرر من هذا الاحتيال، وقد تنقَّل من منطقة إلى أخرى، ليتفاجأ بواقع مخالف لما هو في الإعلان: أيُّ جهة مسؤولة عن مراقبة ومتابعة مثل هذه الإعلانات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومعاقبة مَن يقفون وراءها؟ إن أصحاب هذه المحلات يمارسون الكذب والخداع والغش بحق المجتمع، كما ينصبون على زبائنهم بهذه الدعايات المزيفة، وهو ما قد يسبب فوضى في السوق وربما يزعزع ثقة المستهلك في التاجر، خاصة في ظل وجود جهات حكومية متخصصة وصارمة في مراقبة الغش التجاري.
* كاتب سعودي