أصدرت الأمم المتحدة منذ عام 2011 ثمانية قرارات أممية بشأن الأوضاع في اليمن من أبرزها القرار رقم 2201 الصادر عام 2015 والقرار رقم 2342 الصادر عام 2017. طالبت الأمم المتحدة في القرار الأول «جماعة الحوثيين» بسحب مسلحيها من المؤسسات الحكومية، واستنكرت تحركات «الحوثيين» الذين تدعمهم إيران لحل البرلمان والسيطرة على مؤسسات الحكومة اليمنية واستخدام أعمال العنف لتحقيق الأهداف السياسية، والاستيلاء على المنابر الإعلامية للدولة، كما أعرب مجلس الأمن عن استيائه من الإجراءات التي اتخذها «الحوثيون» من جانب واحد لحل البرلمان والاستيلاء على المؤسسات الحكومية اليمنية، معرباً عن انزعاجه من أعمال العنف التي يرتكبها «الحوثيون» وداعموهم.
أما قرار مجلس الأمن رقم 2342 فقد جاء امتداداً لتأكيد المنظمة الدولية على ضرورة الوصول إلى تنفيذ عملية الانتقال السياسي بشكل كامل وفي الوقت المناسب في أعقاب مؤتمر‏? ?الحوار? ?الوطني? ?الشامل، ?وذلك ?تمشياً ?مع مبادرة? ?مجلس? ?التعاون? ?الخليجي? ?وآلية? ?تنفيذها، ?ووفقاً ?للقرارات ?أرقام ?2014، ?2051، ?2140، ?2201، ?2204، ?2216، ?و2266. ?وإلى ?هنا ?تبدو ?الأمور ?في ?نصابها ?الصحيح، ?إذ إن ?هناك ?إدانة ?أممية ?صريحة ?وعلنية ?وواضحة ?لطرف ?قام ?بالاستيلاء ?على ?السلطة ?الشرعية ?في ?صنعاء، ?وقام ?في ?بداية ?الأزمة ?باحتجاز ?رئيس ?الجمهورية ?الشرعي ?مع ?رئيس ?وزرائه ?وأعضاء ?الحكومة ?واستولى ?على ?مقدرات ?اليمن ?من ?ثروات ?وأموال ?ثم ?شرع ?في ?قتال ?القوات ?المسلحة ?الشرعية ?المدعومة ?من ?قوات ?التحالف. ?ولكن ?مؤخراً ?انقلبت ?الأمور ?وانحازت ?مؤسسات ?دولية ?تابعة ?للأمم ?المتحدة ?بوضوح ?إلى ?جانب ?الجاني ?وهو «?جماعة ?الحوثي» ?الإرهابية ?ضد ?المجني ?عليه ?وهو ?الشعب ?اليمني ?وسلطته ?الشرعية.
فقد أظهرت وثيقة مسربة صحة توقيع اتفاق بين الأمم المتحدة و«ميليشيا الحوثي الانقلابية» في صنعاء، ينص على إنشاء جسر جوي لنقل ?بعض ?المرضى ?إلى ?الخارج ?على ?متن ?طائرات ?الأمم ?المتحدة، ?الأمر ?الذي ?قد ?يسمح ?للميليشيات ?بتهريب ?عناصر ?تابعة ?لها ?تحت ?حجة ?العلاج ?الطبي. ?وقد ?قامت ?«ليز ?غراندي»، ?الممثل ?المقيم ?للأمم ?المتحدة ?ومنسقة ?الشؤون ?الإنسانية، ?بالتوقيع ?على ?تلك ?الوثيقة ?مع ?أحد ?أعضاء ?حكومة ?الانقلابيين. ?ولم ?تكن ?تلك ?الحادثة ?الأولى ?في ?سلسلة ?تعاون ?المنظمات ?الأممية ?مع ?الميليشيا ?الانقلابية، ?فقد ?قامت «?ليز ?غراندي» ?في ?وقت ?سابق ?بزيارة ?لمحافظة «?صعدة»، ?معقل ?الميليشيات ?«الحوثية» ?الانقلابية ?وسط ?انتقادات ?من ?الحكومة ?اليمنية ?لموقف ?الأمم ?المتحدة ?المتحيز ?للميليشيات ?«الحوثية» ?الانقلابية.‏ ?وسبق ?ذلك ?أيضاً ?قيام ?نفس ?الموظفة ?بإصدار ?‏أحكام ?منحازة ?لصف ?الميليشيات، ?‏إزاء ?قصف ?المدنيين ?في ?سوق ?السمك ?وبوابة ?مستشفى ?الثورة ?‏العام ?بمدينة ?الحديدة ?بقذائف ?‏الهاون، ?ونسبت ?منسقة ?الشؤون ?الإنسانية ?الجريمة ?للتحالف، ?الأمر ?‏الذي ?صححه ?مكتب ?المفوضية ?‏السامية ?لحقوق ?الإنسان ?في ?اليمن ?بعد ?ذلك ?مؤكداً ?أن ?القصف ?انطلق ?من ?مناطق ?سيطرة «?جماعة ?الحوثي»?.‏
أضف إلى ذلك قيام ممثلين لعدة منظمات تابعة للأمم المتحدة بتقديم أوراق اعتمادهم لحكومة الانقلاب بالرغم من تأكيد المنظمة الأممية دائماً أنها لا تعترف إلا بالرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، مما يعتبر تناقضاً صريحاً وعلنياً لذلك الموقف الدولي. وجاءت الطامة الكبرى مؤخراً عندما أضفى تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة صفة «سلطات الأمر الواقع» على ميليشيا الحوثي الإيرانية الإرهابية.
تأتي تلك التطورات السلبية لتلقي بظلالها على حقيقة العلاقة بين منظمات الأمم المتحدة واليمن في ظل استمرار تلك الجهات في التعامل بمكيالين مع الأزمة في اليمن، إذ بالرغم من اعتراف مجلس الأمن بالحكومة الشرعية واعتراضه على قيام ميليشيا «الحوثي» الإرهابية بالاستيلاء على السلطة الشرعية في صنعاء تستمر بعض المنظمات الأممية في التعامل مع سلطة الانقلاب، مما يؤدي بلا ريب إلى ضعف الثقة في الأمم المتحدة وتأجيج الأزمة واستمرار معاناة الشعب اليمني الساعي للأمن والاستقرار بقيادة السلطة الشرعية.