خلق الاقتصاد الأميركي وظائف أكثر في عهد ترامب مما تم خلقه في العامين الأولين لأي رئيس أميركي منذ بيل كلينتون، ولكن في ما يتعلق بوظائف قطاع الصناعة يمكن القول إن ترامب متميز عن الآخرين حقّاً. فقد شهدت إدارته نمواً أكبر للوظائف الصناعية مقارنة مع العامين الأولين لأي رئيس أميركي منذ الرئيس جيمي كارتر قبل 40 عاماً. ويكتسب هذا الاتجاه أهمية كبيرة، جزئياً لأن وعود ترامب بإعادة تنشيط منطقة «حزام الصدأ» كانت جزءاً بارزاً من نجاحه الانتخابي عام 2016.
والواقع أنه من المبكر جدّاً معرفة ما إن كان الأمر يتعلق بظاهرة مؤقتة أو بتحول حقيقي. فمن 2000 إلى 2010، فقدت الولايات المتحدة ثلث وظائفها الصناعية، أي ما يعادل 5.8 مليون عامل. الانتعاش بعد «الركود الكبير»، الذي بدأ في عهد أوباما وتسارع في عهد ترامب، أضاف قرابة 1.4 مليون من تلك الوظائف، وهو ما يمثل بداية جيدة ولكنه بالكاد يعتبر تعافياً كاملاً، ثم إن بعض سياسات ترامب، وخاصة بخصوص التجارة، قد تكون سبباً في عرقلة القطاع. غير أنه من الواضح أن ثمة أسلوب تفكير جديداً في البيت الأبيض. فمع الرئيس أوباما بداية ثم بشكل أقوى في عهد ترامب، بات يُنظر إلى الصناعة الآن باعتبارها محركاً رئيسياً لمستقبل الاقتصاد بدلاً من مولّد وظائف آخذ في التراجع من ماض صناعي.
«هناك إيمان جديد بالصناعة الأميركية في الحياة السياسية الأميركية»، يقول سكوت بول، رئيس «التحالف من أجل صناعة أميركية»، وهي عبارة عن شراكة للمصنعين الأميركيين واتحاد «عمال الفولاذ المتحدين». وأضاف يقول: «إنها أساسية لتنشيط الابتكار في اقتصادنا. كما أنها واحدة من أفضل الأماكن ليشتغل فيها العمال الذين ليست لديهم شهادة تعليم جامعي مدته أربع سنوات».
أما ما إن كان هذا الزخم سيتواصل، فذاك يعتمد بشكل كبير على قوى اقتصادية خارجة عن السيطرة المباشرة لأي رئيس أميركي. ولكن خبراء الصناعة يقولون إنه قد يعتمد أيضاً على ما إن كانت الإدارة ستستطيع توسيع استراتيجيتها من التركيز على خفض الضرائب والاتفاقات التجارية لتشمل أشياء مثل تدريب العمال وبرامج تشجيع البحث.
والواقع أن الإدارة الأميركية تواجه تحديات كبيرة. ذلك أن نمو الاقتصاد العالمي أخذ يتراجع، بما في ذلك بالنسبة للسلع الصناعية. والعولمة ما زالت تمثّل قوة كبيرة تستطيع جذب الوظائف الأميركية إلى الخارج. وعلاوة على ذلك، فإن اتجاه الأتمتة، ولئن كان يساعد الكثير من المصانع الأميركية على التنافس في الأسواق العالمية، فإنه يمكن أن يعني أنه حتى النجاح لا يضمن عدداً كبيراً من وظائف خطوط التجميع.
غير أنه في ما يتعلق بالوظائف والأجور، تبدو الاتجاهات واعدةً في الحقيقة. فبعد سنة صعبة في 2009، رأت إدارة أوباما ظهور 908 آلاف وظيفة خلال سنواتها السبع التالية. وفي ظرف عامين فقط، رأى ترامب نصف ذاك العدد من وظائف الصناعة تُخلق، وهي قفزة بـ3.7 في المئة تمثّل أفضل أداء يحقّقه أي رئيس أميركي في عاميه الأولين منذ زيادة الـ10 في المئة في عهد الرئيس كارتر من 1977 إلى 1979.
أما إلى أي حد ساهمت حالة الاقتصاد الجيدة أصلاً التي ورثها ترامب عن أوباما في النجاح الذي حققه، فتلك مسألة فيها جدل بين خبراء الاقتصاد. غير أن هؤلاء الخبراء يتفقون إلى حد كبير على أن سياسات ترامب ساهمت في تحفيز النمو، وخاصة تخفيضاته الضريبية لصالح الشركات ومحاولاته تبسيط القوانين التنظيمية. ولكن المجهول هو سياسته التجارية.
*صحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»