دشن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسمياً حملة إعادة انتخابه هذا الأسبوع في استعراض للتحدي والجرأة تكمن خلفه المشكلات القانونية المحيطة به، فقد أوصى افيتشاي ماندلبيت، المدعي العام الإسرائيلي، بتوجيه اتهامات التزوير والرشوة وانتهاك الثقة لنتنياهو في ثلاث قضايا فساد منفصلة. وإحدى القضايا تدعي تلقي أسرة نتنياهو هدايا غير قانونية مقابل خدمات سياسية، والقضيتان الأخريان تزعمان ممارسة رئيس الوزراء نفوذه للحصول على تغطية محابية من وسائل الإعلام.
ونفى رئيس الوزراء الاتهامات التي تناولتها وسائل الإعلام، وله أن يدافع عن نفسه قبل صدور قرار نهائي في الاتهامات. لكن ضرر الاتهامات السياسي تحقق بالفعل. ووقعت توصيات ماندلبيت كقنبلة في موسم الانتخابات الإسرائيلية. واتهم نتنياهو وحلفاؤه المدعي العام بالانصياع لـ«ضغط اليسار» بقيامه بهذه الخطوة قبل الانتخابات.
وذكرت «واشنطن بوست» يوم 28 فبراير المنصرم أن «التحدي القانوني يمثل ضربة خطيرة لنتنياهو قبل انتخابات التاسع من أبريل التي توقع الفوز فيها بسهولة ليصبح أطول رؤساء الوزراء بقاءً في المنصب في تاريخ إسرائيل. لكن في الأسابيع القليلة الماضية، ومع اقتراب إعلان المدعي العام، انزلق نتنياهو إلى المرتبة الثانية في بعض استطلاعات الرأي وخاصة بعد أن قرر اثنان من منافسيه الأساسيين، هما بيني جانتز ويئير لبيد، خوض الانتخابات ضده ببرنامج مشترك».
وحث جانتز، وهو قائد سابق للجيش الإسرائيلي، رئيسَ الوزراء على الاستقالة. وفي مقابلة تلفزيونية وجّه حانتز خطابه لنتنياهو قائلاً: «الأمر ليس يميناً ويساراً. إسرائيل تأتي قبل كل شيء». واحتمال توجيه الاتهام ينقل إسرائيل إلى أرض غير مألوفة. فلم يواجه رئيس وزراء لإسرائيل وهو في منصبه هذا النوع من الاتهامات.
لكن نتنياهو ليس له رغبة في ترك منصبه. ففي فندق خارج تل أبيب، مؤخراً، انتقد بشدة «غسل العقول» الذي تمارسه وسائل الإعلام وأعمال «البلطجة» التي يمارسها اليسار، وسط هتاف شديد من أعضاء حزبه ليكود. وانتقد «محاكم التفتيش» ضده مستعيراً الكلمة نفسها التي استخدمها الرئيس الأميركي ترامب.
والوضع السياسي البائس لنتنياهو لم يؤد إلا إلى زيادة خطابه المثير للشقاق. ففي اجتماع حاشد وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، أحيا الشعار السياسي الذي كان يقول «إما بيبي أو الطيبي»!
وجاء في تقرير لـ«واشنطن بوست» أن حزب «القوة اليهودية» يعتبره كثيرون خليفة لحزب كاخ الذي كان ينتمي إليه كاهانا، وهو الحزب الذي صنفته وزارة الخارجية الأميركية كمنظمة إرهابية. ويتضمن حزب «القوة اليهودية» معاون كاهانا البرلماني السابق وتلاميذه السابقين! ولا يهم نتنياهو تاريخ الحزب، بل يهمه دعم الأجنحة اليمينية لتأمين ائتلاف كبير في الكنيست بعد الانتخابات.
وسيزور نتنياهو واشنطن هذا الشهر لحضور مؤتمر أيباك السنوي. وقد تكون الزيارة آخر وداع لسياسي مألوف بشدة في العاصمة الأميركية ووثيق التحالف مع الرئيس الأميركي الحالي. وربما يأمل رئيس وزراء إسرائيل أن يساعده ظهوره عالمياً والنيات الطيبة للرئيس ترامب في المحافظة على دعم الناخبين في أبريل. ونتنياهو صديق لبعض الرؤساء غير الليبراليين، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان. وإن كان يمكن لهذين الزعيمين تحجيم وسائل الإعلام في بلديهما وكبح المنتقدين، فإن نتنياهو يواجه تحدياً شديداً من النظام القضائي الإسرائيلي.


*صحفي متخصص في الشؤون الخارجية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»