إن الحديث عن الدور المفترض لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في تعزيز ثقافة القراءة، يقتضي منا استحضار إحدى أهم الغايات والأهداف التي ينشأ من أجلها أي صرح معرفي من هذا النوع، ذلك أن الدراسات والبحوث والنشر والتخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل والانخراط في العملية التنويرية، كلها أمور لا يمكن أن تستقيم من دون توظيف فعل القراءة بكل أبعادها واحترافيتها، أي أن الأعمال العلمية التي تبصم باسم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لا يمكنها أن تستجيب لتطلعات المركز الأساسية وقراء إنتاجه الفكري من دون أن تواكبها قراءة معمقة من لدن القائمين عليها. من هنا يصبح الحديث عن دور المركز في
ترسيخ القراءة مسألة متجاوزة على الأقل بالنسبة لكل من يدرك أهميته في خدمة المجتمع وتثقيفه في كل القضايا التي تخدم مصلحته. فبصرف النظر عن دور مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية منذ إنشائه قبل خمسة وعشرين عاماً، في خدمة المجال البحثي والعلمي، فإنه قد واكب المبادرات الوطنية للقراءة بالعديد من الجهود والإنجازات، وذلك من منطلق موقعه في دائرة المؤسسات الأكاديمية والرسمية في دولة الإمارات. فمنذ أن أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2016 عاماً للقراءة، فإن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أطلق العديد من النشاطات والمبادرات التي تستجيب لشعار القراءة داخل الدولة، أما الأمثلة على جهود المركز في هذا السياق فتجمع بين الأعمال التي تدخل في صميم عمل المركز اليومي، فيما يمثل بعضها الآخر نشاطات من وحي «عام القراءة» الذي بات يتجاوز إطاره الزمني إلى فضاءات زمنية ومكانية أبعد. وبحصرنا للأنشطة البارزة التي يقوم بها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية لتعزيز ثقافة القراءة نذكر على سبيل المثال: مبادرة «كتاب في ساعة»، حيث تخصص مكتبة اتحاد الإمارات بالمركز أيام الاثنين من شهر مارس في كل عام لاستضافة أحد الكتاب الإماراتيين لمناقشة أحد مؤلفاته مع مجموعة من موظفي المركز وباحثيه. وساعة القراءة؛ وهي مناسبة يخصص فيها أغلب موظفي المركز ساعة للمطالعة الحرة داخل مكتبة اتحاد الإمارات، وهي خطوة تهدف إلى الاحتفاء بالكتاب بشكل جماعي وتعكس أهمية المكتبة في النشاط اليومي للموظفين. وتلخيص كتاب الشهر: حيث يقوم كل موظف بالمركز -مهما كان تخصصه ومركزه واهتمامه- بقراءة وتلخيص كتاب يقع عليه اختياره، وذلك بهدف الارتباط بالكتاب والاستزادة الشهرية من العلوم والمعارف المتاحة بمكتبة المركز. وقد حول المركز «عام القراءة» الذي تم إعلانه عام 2016 إلى مناسبة دائمة، وذلك بإصراره على إدخال أبرز إصدارات المركز إلى كل بيت، وكل مجلس، وكل إدارة، فتم خلال السنوات الثلاث الأخيرة توزيع العديد من إصدارات المركز على العديد من المجالس الموجودة في مختلف أنحاء دولة الإمارات، إضافة إلى المؤسسات الحكومية والخاصة والمدارس والسفارات الأجنبية وغيرها. أما المشاركة الملحوظة لإصدارات مركز الإمارات في معارض الكتب داخل دولة الإمارات وخارجها، فتعد إحدى أولوياته في نشر القراءة وإيصالها إلى أبعد مدى، وبالتالي ظل الجناح المخصص لإصدارات المركز في معارض الكتب محطة استقطاب وجلب للباحثين عن التميز والفكر الرصين. من جهة أخرى تمثل مكتبة اتحاد الإمارات بالمركز، بما تحتويه من نفائس الكتب والمراجع في مجالات العلوم العسكرية والأمنية والسياسة والقانون والعلوم الاجتماعية والأدبية، مخزوناً علمياً ثرياً لكل قارئ وباحث أكاديمي. إضافة إلى دور الأقسام المتخصصة في توزيع آخر إصدارات المركز في توفير الكتاب للقراء بكل تيسير.
إن الحديث عن دور مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في تعزيز ثقافة القراءة وتنمية المجتمع، يعتبر بمثابة إعادة تعريف للدور الأساسي الذي أنشئ من أجله المركز بشكل عام، وهو أمر أقرب للبداهة منه إضاءة على دور جديد.

 *عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.