عادة ما تتضمن تحركات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمتعارضة مع النصائح ومصالح الأمن القومي الأميركي، روسيا. ورغم ذلك، كانت كوريا الشمالية الأسبوع الماضي هي الدولة المعادية التي تتلقى هبةً من ترامب من شأنها تقويض سياسة الضغط على بيونج يانج لنزع سلاحها النووي. وكشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب تجاوز وزارة خزانته الجمعة الماضي بتراجعه المفاجئ عن فرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية، فيما يبدو انقضاضاً على نصائح خبراء الأمن القومي. وأوضحت الصحيفة أن إعلان ترامب أوجد حالة من الارتباك على أعلى المستويات في الحكومة الفيدرالية، إذ كان مساعدو الرئيس يسعون إلى الضغط على كوريا الشمالية من أجل العودة للمفاوضات بشأن تفكيك برنامج أسلحتها النووية.
فهل وعد الرئيس ترامب كيم بذلك سراً في قمة هانوي، أم أنه كان مقامرة وليدة اللحظة لتشتيت الانتباه عن اكتمال تحقيق المحقق الخاص في التدخل الروسي؟
ويتساءل المرء أحياناً ما إذا كان وزير الخارجية «مايك بومبيو» ومستشار الأمن القومي «جون بولتون»، سيقررون الاستقالة في نهاية المطاف! وحتى الحلفاء المعتادون للرئيس ترامب لا يحاولون تبرير بعض قراراته التي لا يمكن تفسيرها. وحتى السيناتور الجمهوري عن ولاية فلوريدا «ماركو روبيو»، أعرب عن دهشته بشأن إعلان ترامب في ردّ على سؤال لـ«تشاك تود» في برنامج «واجه الصحافة». وقال «روبيو»: «لم أر شيئاً كهذا من قبل، لذا لا بد أن شيئاً ما قد حدث، فمثل هذه العقوبات عادة ما تتم الموافقة عليها، لأنها تمرّ عبر إجراءات تنسيقية طويلة بين الجهات المختلفة، ثم يتم التوقيع عليها من قبل الرئيس، وهو ما يعني أن شيئاً ما حدث في الوقت بين الإعلان عن العقوبات وإعلان الرئيس». وأضاف: «لكي أكون أميناً، لا أعلم الإجابة، ولا أعرف سبب حدوث ذلك، ولا سبب حدوثه بهذه الطريقة، لأنه أمر غير مألوف، ولم يحدث من قبل!». لكن السيناتور أكد أن ما حدث لن يجدي على أية حال، خصوصاً فيما يتعلق بكوريا الشمالية. وقال: «صراحة، أعتقد أن الناس حول العالم سينظرون إلى هذا القرار، ويقولون من الآن فصاعداً، إنهم عندما يسمعون عن عقوبات، فسيرغبون في التأكد مرتين من البيت الأبيض».
وعلى لجنتي الاستخبارات والشؤون الخارجية في مجلس النواب الدعوة إلى جلسات استماع فوراً، واكتشاف ما يحدث. لقد جاء ترامب إلى السلطة على وعد ببدء «تحقيق الفوز». وكل ما فعله منذ دخوله البيت الأبيض هو تشجيع أعداء أميركا، وإظهار أن الولايات المتحدة شريك غير موثوق به أمام حلفائها.
ويميل الرئيس ترامب أيضاً إلى إخضاع متطلبات الأمن القومي الأميركي لمحاولاته المحلية الرامية إلى استرضاء قاعدة ناخبيه. فهو على استعداد لاقتطاع أموال من ميزانية الدفاع من أجل بناء الجدار. وفي مذكرة نُشرت حديثاً، أكد الجنرال «روبرت نيلر» قائد قوات «المارينز»، أن نشر القوات على الحدود، في إطار خطة ترامب، يشكل خطراً على الجهوزية القتالية لجنود المارينز.
ولا شك في أن مثل هذه السياسات تمثل تهديداً للأمن القومي الأميركي، وعلى الديمقراطيين الساعين إلى البيت الأبيض أن يضعوا ذلك على قائمة أسباب سعيهم في 2020.


*كاتبة أميركية
يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»