يمثل قرار وزارة الموارد البشرية والتوطين الأخير، القاضي بإلزام صاحب العمل تقديم تقرير «مقابلة خروج» بينه وبين العامل المواطن، لتحديد أسباب إنهاء أو انتهاء علاقة العمل بين الطرفين، خطوة أساسية في شفافية العلاقة بين رب العمل والأجير، كما يمثل الحرص على الحفاظ على حقوق جميع الأطراف وفق مسطرة قانونية لا تشوبها شائبة. بهذا الإجراء الأخير تكون دولة الإمارات العربية المتحدة قد قطعت خطوات إيجابية ملموسة على طريق صيانة الحقوق في مجال الأعمال وضمان إنهاء العلاقة بين طرفي العمل من دون تبعات قانونية للأطراف المعنية، وبالتالي فإنها تكون قد ساهمت في طي صفحة كبيرة من الخلافات والضغائن، التي غالباً ما تنتهي باللجوء إلى القضاء وتحمل ما يترتب على ذلك من مرافعات وإجراءات.
قرار وزارة التوطين الأخير الذي استند إلى القرار رقم 212 لسنة 2018 في شأن تنظيم عمل المواطنين في القطاع الخاص، لم يترك المسألة لاختيار الأطراف المعنية، وإنما أوجب التقيد بالضوابط التي نص عليها القرار الوزاري رقم 765 لسنة 2015 الصادر في شأن شروط وضوابط إنهاء علاقة العمل، كما نص على فرض غرامة مالية بقيمة 20 ألف درهم على كل بند تتم مخالفته. وتكمن أهمية القرار الأخير في أنه سيوفر حماية للطرف الأضعف دائماً، وهو العامل، وخاصة أن غالبية جهات العمل لا تضع مسألة الإضرار بالعامل في اعتبارها عند إنهاء خدماته، وبالتالي فإن الأخير قد يتم الاستغناء عن خدماته لسبب غير مشروع وفق ما ترى وزارة الموارد البشرية والتوطين، كاستبداله بعامل غير مواطن أو التخلص منه للاحتفاظ بعامل غير مواطن يقوم بعمله نفسه.
ولكي لا يكون هنالك أي تحيز تشريعي لصالح العامل المواطن بشكل مطلق، يعتمد تقرير «مقابلة خروج» شروطاً واضحة يمكن معها إنهاء خدمات العامل، وهي انتحال الأخير شخصية زائفة أو تقديمه شهادات أو مستندات مزورة، أو مخالفته التعليمات الخاصة بسلامة العمل بشرط أن تكون تلك التعليمات مكتوبة ومعلقة في مكان ظاهر. ويدخل القرار الأخير بشكل عام في إطار اهتمام دولة الإمارات بتفعيل سلطة القانون وسد كل الثغرات التي يمكن أن تؤدي إلى ممارسة الظلم على أحد طرفي التعاقد، كما يعكس ذلك مضي الدولة قدماً في مسيرة التنمية، وهي مسيرة تتطلب فرض كل أنواع الشفافية.
ونظراً لتحمل قيادة دولة الإمارات مسؤوليتها الكاملة تجاه المواطن، فإنها تلزم نفسها بالدفاع عن حقوقه أمام مؤسسات التوظيف، كما تلزم تلك المؤسسات في الوقت نفسه بالخضوع للقوانين المعمول بها، من خلال التطبيق الصارم للقانون وجعل سلطته فوق كل اعتبار. وقد تمكنت دولة الإمارات خلال السنوات القليلة الماضية من أن تكون وجهة للعديد من المستثمرين والشركات الدولية، حيث تمكنت هذه الأخيرة من تطوير أعمالها في ظل مناخ يجمع بين التنافسية والشفافية والحماية القانونية.
وقد شكل توقيع دولة الإمارات على الكثير من المواثيق والمعاهدات الدولية تأكيداً واضحاً على التزامها بكل القوانين التي تراعي حقوق العامل، كما وضعت من أجل ذلك نظاماً قضائياً مستقلاً للبت في كل القضايا المطروحة أمامه وفق أحكام القانون. من جهة أخرى تحرص الدولة على الوقوف في وجه كل من يسعى لتجاوز القانون أو التحايل عليه، حيث يمثل قانون العقوبات المعمول به داخل الدولة وسيلة قوية لردع ومحاسبة كل أنواع التجاوزات والتحايل التي قد يلجأ إليها بعض الأطراف من حين إلى آخر. كما تم تبني القرار الأخير في سياق اهتمام الجهات المعنية بتطبيق السياسات العامة للدولة القائمة على التطوير المستمر للمسطرة القانونية، كي تتماشى مع حقوق العامل ورب العمل في أي وقت كان.
*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.