إعلان الرئيس بشار الأسد في خطابه الأخير أمام مجلس الشعب بأن القوات السورية "ستنسحب بالكامل إلى البقاع ومن ثم إلى الحدود السورية- اللبنانية" مهم، ولكن الأهم من هذا كله هو اعترافه بخطأ ممارسات الوجود السوري في لبنان، وذلك عندما قال:"وهذا الكلام لا يعني أن ممارساتنا في لبنان كانت صواباً كلها بل لابد من الاعتراف بكل وضوح وشفافية، أن ثمة أخطاء ارتكبت على الساحة اللبنانية حيث غرقنا في بعض التفاصيل" ثم يتابع كما أن "استغلال البعض لوجود القوات السورية في لبنان لاعتبارات مصلحية ضيقة مادية أو سياسية أو انتخابية أو غيرها أدى إلى الكثير من التراكمات السلبية".
ومن موقع الحرص على علاقة سليمة ومسؤولة بين الدولتين الشقيقتين، وهي علاقة تمت الإساءة إليها وإلى دور سوريا في لبنان منذ بداية تعاطيها مع الأزمة اللبنانية، فإن المسؤولية تكون بمحاسبة من ارتكبوا هذه الممارسات "غير الصائبة" وليس فقط بالاعتراف بها، لأن الحقيقة لا تنجلي إلا بفضح التزوير الذي اكتنف هذه العلاقة ومن رعاها سواء من اللبنانيين أو السوريين، وعلى كافة المستويات، ومحاكمتهم بتهمة خيانة المبادئ القومية والانتماء الوطني ومصالح الشعبين السوري واللبناني، لأن هذه الممارسات كانت طعنة في صميم صفاء ونقاوة هذه العلاقة التي كان يجب أن تكون نموذجاً للتعاون والتكامل بين بلدين متجاورين تتهددهما أخطار واحدة.
وتعرفون جيداً من كان يحاول جاهداً تصحيح ما كان يشوب العلاقات السورية- اللبنانية، وهم كثيرون، وعلى رأسهم الزعيم وليد جنبلاط ورئيس الوزراء اللبناني السابق الشهيد رفيق الحريري والوزير مروان حمادة، ولذلك كان جميع هؤلاء موضع تخوين لأن الكثيرين ممن أساءوا للعلاقة السورية- اللبنانية يقلقهم من ينتقدهم أو يوجه أصابع الاتهام إليهم. هؤلاء المسيئون وحدهم هم من يهدد الأمن القومي لسوريا ولبنان معاً. من أجل هذا أقول: إن محاسبة هؤلاء هي الأساس وليس الانسحاب. وإذا كان هناك من يمد يده إلى الخارج، فإن ذلك نتيجة لتصرفات هؤلاء وتجاوزاتهم.
شوقي أبو عياش - الشوف - لبنان