يبدو أن الضربة المدمرة على منشآت إنتاج النفط السعودية يوم السبت، وهي شبه المؤكد تم تنفيذها من قبل إيران أو نيابة عنها، قد حرّكت الشرق الأوسط خطوة أقرب إلى حرب عامة. وقد يكون الاختبار الذي طال انتظاره لمهارات الرئيس دونالد ترامب في إدارة الأزمات في متناول اليد.
إنها فكرة مخيفة. ولكن إليكم فكرة أكثر إثارة للرعب: لنفترض أن الولايات المتحدة وصلت إلى هذه اللحظة، دون حتى أن تستفيد من تنقية إنتاج النفط والغاز المبتكرة والمعروفة باسم «التكسير الهيدرولوكي»، والتي مكنت شركات الحفر من تحرير الهيدروكربونات التي لم يكن من الممكن الوصول إليها من قبل في التكوينات الصخرية في داكوتا الشمالية وتكساس وأماكن أخرى.
في ديسمبر 2007، أعلن الرئيس جورج دبليو بوش أن «الاعتماد على النفط، وخاصة النفط القادم من أراضٍ أجنبية» هو واحد من أخطر التحديات التي تواجه الأمة. والآن، ليس لدى الولايات المتحدة أي عجز تجاري في الطاقة، وفقاً لشركة «جي بي مورجان» لإدارة الأصول، وهي تصدر كميات متزايدة من النفط والغاز. والولايات المتحدة، وليست المملكة العربية السعودية، هي أكبر منتج للخام النفط في العالم – حيث يبلغ الإنتاج اليومي الآن 12.1 مليون برميل يومياً، مقابل نصف هذه الكمية في عام 2012 – وهي البلد الأفضل وضعاً لزيادة العرض استجابة لتقلبات السوق المفاجئة.
ومن المرجح أن ترتفع أسعار النفط على المدى القصير في أعقاب الهجوم على منطقة «بقيق» في السعودية، ولكن، كما ذكر «كليفورد كراوس» و«ستانلي ريد» في صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن توافر إمدادات نفط أميركية آمنة هو واحد من عوامل عديدة – بما في ذلك المخزونات الكبيرة في جميع أنحاء العالم – التي يجب أن تساعد في تخفيف الضربة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي.
بعبارة أخرى، فإن التكسير هو أحد الأصول الاستراتيجية الأميركية، وهو القوة المقابلة ضد حرب أوسع في الشرق الأوسط، رغم أنه من الواضح أن مثل هذه الكارثة قد تأتي على أي حال.
وهذا يقودنا إلى المرشحين «الديمقراطيين» الذين يطالبون بفرض حظر على التكسير، بسبب المخاوف البيئية أبرزهم السيناتورة «الديمقراطية» إليزابيث وارين والسيناتور المستقل بيرني ساندرز.
من المؤكد أن حظر التكسير يعد واحداً من أكثر الوعود غير المسؤولة للحملة الانتخابية لبعض مرشحي الرئاسة من «الديمقراطيين» حتى الآن، وسيكون فكرة رهيبة حتى لو لم يذكرنا الوضع في الشرق الأوسط بالمزايا الاستراتيجية للتكسير.
وإغلاق جميع آبار التكسير الموجودة، يعني إزالة المصدر لـ 40% من إجمالي الطاقة الأولية في الولايات المتحدة، كما ذكرت «جي بي مورجان» لإدارة الأصول. وربما هذا السبب الذي جعل حتى «ساندرز» يقر بأن الحظر الذي يريده لن يسري «بين عشية وضحاها».
وقد يؤدي الحظر التدريجي، أو الحظر على التكسير الجديد فقط، إلى إحداث قدر أقل من الفوضى الاقتصادية، لكنه سيظل يعيق الجهود الرامية إلى الحد من غازات الدفيئة.
هذا لأن التكسير مكّن الولايات المتحدة من استبدال الفحم بالغاز الطبيعي المحترق الأنظف، مما ساهم في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة بنسبة 14% خلال الفترة التي بدأت من عام 2005، عندما بدأت طفرة التكسير، إلى 2016. وكلما زاد إنتاج الغاز الرخيص، زاد استغناؤنا عن الفحم.
لا يزال النفط والغاز الطبيعي وقودين أحفورييْن، ولا يزال حرقهما مصدراً للكربون أكبر بكثير من الطاقة الشمسية أو النووية أو طاقة الرياح. فالتكسير يستخدم كميات هائلة من المياه، ما يخلق خطر التلوث وغير ذلك من المشاكل البيئية. ومن هنا تأتي اعتراضات المرشحين.
وتتمثل الاستجابات الصحيحة فيما يلي: أولاً، يبقى الغاز الطبيعي ضرورياً كبديل للفحم كمصدر للطاقة الكهربائية عند الطلب، وربما سيكون ضرورياً حتى تتيح التكنولوجيا التخزين الكافي للكهرباء المتقطعة التي تولدها الرياح أو الطاقة الشمسية. ثانياً، يمكن للتنظيم الذكي أن يحد من الآثار البيئية السلبية للتكسير.
في عام 2016، أصدرت وكالة حماية البيئة تقريراً مفصلاً وصف ممارساتنا الخاطئة في التكسير والإجراءات التي يمكنها التحكم في المخاطر. وكان «الاستمرار، ولكن مع التنظيم» هو الموقف المذهل الذي طالب به نائب الرئيس السابق جو بايدن، إلى جانب مرشحين «ديمقراطيين» معتدلين آخرين مثل مايكل بانيت (كولورادو) وآمي كلوبوشار (مينيسوتا). ليس هذا هو الاعتبار الرئيسي، ولكن من الناحية السياسية يعد حظر «التكسير الهيدرولوكي» اقتراحاً محفوفاً بالمخاطر بالنسبة لـ«الديمقراطيين». إن الأزمة التي تلوح في الأفق في الشرق الأوسط تذكرنا بالمخاطر التي نواجهها – نحن والعالم بأسره، كما أنها توضح إلى أي مدى يهم حقاً إذا كان «الديمقراطيون» قد طرحوا بديلاً واقعياً وعملياً في عام 2020.
*كاتب أميركي متخصص في الشؤون الاقتصادية والمالية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»