تنظر دولة الإمارات العربية المتحدة إلى صحة الإنسان وسلامته أولاً، باعتبارهما الحصن المنيع في وجه أي تحديات قد تطرأ على الصعد كافة، وبوصفه الثروة الأولى والركن الأساسي في بناء الدولة ونهضتها وتقدمها، حيث يقاس كل ذلك بمدى ما يتمتع به من صحة جيدة، وتعليم مناسب، ومسكن ملائم، وفرص عمل مستدامة، وغير ذلك من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها، ليعيش حياة آمنة، ومستقبلاً يستند إلى الاستقرار والرفاه.
وفي ظل ما يعانيه العالم من انتشار لفيروس «كورونا» المستجد، أو ما يطلق عليه «كوفيد – 19»، اتخذت دولة الإمارات مجموعة من الإجراءات الاحترازية لمحاصرة انتشار الفيروس والحد منه، حيث تبنت استراتيجية متكاملة للحفاظ على أداء جميع القطاعات، بمنأى عن تأثيرات «كورونا» السلبية. ومنذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها وزارة الصحة ووقاية المجتمع تشخيص حالة إصابة بفيروس«كورونا» لأحد أفراد عائلة قدِمت من مدينة ووهان الصينية، تمكنت دولة الإمارات من إثبات قدرتها على كبح جماح انتشار المرض والتقليل من حدته، في مشهد يتسم بالشفافية والجدّية في التعامل مع هذا الفيروس.
دولة الإمارات تمكنت كذلك من توفير كل التجهيزات اللوجستية الخاصة بالتصدي لانتشار «كوفيد – 19»، وذلك من خلال اتخاذ المؤسسات العاملة في القطاع الصحي الإجراءات والتدابير اللازمة، عبر توفير المستلزمات الطبية والوقائية والكوادر الطبية ذات الكفاءة العالية، إضافة إلى عملها على نشر التوعية بين أفراد المجتمع، ومؤسسات الدولة في القطاعين العام والخاص في المجالات كافة، من خلال توزيع أدلة ومنشورات طبية توعوية على هذه الجهات، فضلاً عن توفير غرف عزل في جميع المستشفيات، ووضع أجهزة الكاشف الحراري على منافذ الدولة الجوية والبرية والبحرية كافة، وتفعيل الفحص المخبري السريع، وعزل حالات الاشتباه إلى حين التأكد من الإصابة، أو عدمها.
إن حقيقة كفاءة النظام الصحي لم تقتصر في ظهورها على المستوى الوطني فحسب، وإنما كان لتوجيهات القيادة الرشيدة أثر ملهم في الوقوف إلى جانب الإخوة والأصدقاء في مواجهة هذا الفيروس، حيث يُنظر إلى توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، بإجلاء رعايا عدد من الدول الشقيقة والصديقة من مقاطعة «هوبان» الصينية، واستضافتهم في «مدينة الإمارات الإنسانية»، ومقرها أبوظبي، للتأكد من سلامتهم وخلوهم من الفيروس وتقديم العلاجات لهم، على أنها مبادرة تحمل كل قيم العمل الإنساني النبيل، التي استحقت بجدارة ثناء الدول وشكرها، وإشادتها بجهود دولة الإمارات في الاستعداد الكبير، والاستجابة العالية للترصد الوبائي.
جاهزية دولة الإمارات في حماية المجتمع لا يمكن الشك فيها، لما تمتلكه من مستلزمات تتعلق بالفحص المتقدم لاكتشاف «كورونا»، التي تسعى من خلالها إلى ضمان سلامة الفرد والمجتمع، ولاسيما في ظل قيام أكثر من 500 موظف بإجراءات التواصل والاستقصاء الطبي والدعم اللوجستي على مدار الساعة، واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة التي تتفق مع ما تنص عليه بروتوكولات وممارسات منظمة الصحة العالمية، وامتلاكها مخزوناً كبيراً وكافياً من المستلزمات الطبية الأساسية، كالأقنعة والقفازات والنظارات والملابس الواقية، ورفع جاهزية المنشآت الطبية والمختبرات المؤهلة لعمل الفحوصات الفيروسية، وتفعيل مركز العمليات الوطني ومواصلة التنسيق مع منظمة الصحة العالمية ومراكز الأبحاث لتقييم المخاطر، ومدّ يد العون للتضامن، وهو ما تجلى في تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، للدكتور تيدروس أدهانوم، مدير عام المنظمة، عبر اتصال هاتفي، استعداد دولة الإمارات للتعاون مع المنظمة ودعم جهودها في مكافحة «كورونا» وتطوير علاجاته واحتوائه، انطلاقاً من نهج الدولة القائم على مد يد العون ومساعدة الشعوب في مختلف الظروف الصعبة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية