اقترحت لجنة من الكونجرس مجموعة من التوصيات لتعزيز الدفاعات السيبرانية للولايات المتحدة ضد «الأعداء الأجانب»، وأعربت عن رغبتها في تنفيذ هذه التوصيات «قبل أن تجبرنا كارثة سيبرانية على التغيير». وقال أعضاء اللجنة إن الإطار المقترح من الردع «متعدد المستويات» يعكس أفكاراً طرحت في الماضي، لكن المهم هو أن بعض هذه الأفكار مدرج بالفعل في تشريع أو على وشك إدراجه.
وأكد السيناتور «أنجوس كينج»، الرئيس المشارك في لجنة الفضاء السيبراني الشمسي، المشكَّلة على غرار مشروع عصر أيزنهاور لصياغة استجابة استراتيجية للاتحاد السوفييتي، أن «المشكلة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، والناس يدركون ذلك. وهناك مستوى مرتفع من إدراك الخطر».
ويتمثل أحد الاقتراحات الرئيسية في تعيين مدير لإنترنت وطني في البيت الأبيض. وسيقدم شاغل هذا المنصب الذي أكده مجلس الشيوخ، تقريراً للرئيس، وستكون لديه ميزانية وعشرات الموظفين، خلافاً لمن شغلوا منصب «قيصر الإنترنت» ولم تكن لديهم سلطة رسمية أو ميزانية مستقلة. وهناك اقتراح آخر بإنشاء لجنة اختيار دائمة للأمن السيبراني على غرار لجان مخابرات الكونجرس، والتي نشأت من جلسات استماع لجنة الكنيسة في سبعينيات القرن الماضي للحد من انتهاكات وكالات الاستخبارات.
ومن المرجح أن تواجه كل فكرة بعض المعارضة من الكونجرس أو البيت الأبيض. وقد يعترض المشرعون في لجان الرقابة القائمة، مثل لجان الأمن الداخلي والخدمات المسلحة، على فقدان بعض اختصاصاتهم. ومن المحتمل أن يعارض مستشار الأمن القومي مثل هذا الاقتراح، مخافة أن يقوض سلطته ونفوذه، وفقاً لمسؤول في اللجنة، لم يشأ الإفصاح عن هويته.
وإلى ذلك، فإن أربعة أعضاء في اللجنة ممن يدعمون الاقتراحات هم أيضاً أعضاء في لجان رئيسية. فـ«كينج» عضو في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ وفي لجان الاستخبارات، والسيناتور «بن ساسي» هو أيضاً عضو في لجنة الاستخبارات، وكذلك النائب «جيم لانجيفين» الذي يخدم في لجنة الخدمات المسلحة بمجلس النواب، كما أنه عضو في لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب.
وقال كينج عن اقتراح تعيين مدير إنترنت وطني في البيت الأبيض: «لدي اعتقاد راسخ بأن وجود شخص مهمته التفكير في ذلك الشأن وتنظيمه، ويعرف ما يحدث في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية، هو الذي سيغير الأمور». وسيكون المنصب مماثلاً لمنصب الممثل التجاري للولايات المتحدة، وهو مسؤول يتمتع بنفوذ كبير.
لأكثر من 20 عاماً كانت هناك توقعات بحدوث هجوم إلكتروني يسبب الموت والدمار، لكنه لم يحدث أبداً. وفي الوقت نفسه، كانت الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون ضحايا لبعض الهجمات التي لا ترقى إلى مستوى أعمال الحرب، رغم أنها كانت وقحة في أحيان كثيرة. وتشمل هذه الهجمات قيام كوريا الشمالية بالقرصنة على شركة «سوني بيكتشرز»، وإصدار رسائل بريد إلكتروني محرجة، وتدمير أجهزة الكمبيوتر في الشركة بشكل فعال، وقيام روسيا باختراق إيميلات «الحزب الديمقراطي» ونشرها عبر الإنترنت لبث الارتباك في الانتخابات الرئاسية لعام 2016، وقيام الصين بنسخ كميات هائلة من الملكية الفكرية من شركات أميركية.
وقال «جيمس لويس»، نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن الاستراتيجية الفعالة يجب أن تأخذ في الاعتبار الطبيعة الحقيقية للتهديد والأسباب التي تجعل خصماً معيناً يشن هجوماً إلكترونياً. وأضاف أن «فهم سبب عدم حدوث هجوم سيبراني كارثي، وكيف يفكر خصومنا، أمر ضروري لتطوير استجابة فعالة».
ووصف «مايكل دانيال»، منسق الأمن السيبراني السابق في البيت الأبيض، التقرير بأنه جيد البناء ومتسق وشامل، وقال إنه على الرغم من أن العديد من الأفكار ليست جيدة، فإن هذا «لا يعني أنها ليست الطريقة الصحيحة للقيام بذلك».
ويؤيد دانيال، الذي ترك منصبه عام 2017 وشارك في تنقيح توصيات اللجنة، اقتراح تعيين مدير وطني للإنترنت ولجنة إشراف جديدة، وذلك لدمج المهام التي تشترك فيها الآن مجموعة من اللجان. وأشار إلى أن الكونجرس، على العكس من الفرع التنفيذي، «لم يفعل الكثير من أجل إعادة التنظيم للتعامل مع التحديات السيبرانية».
وهناك توصية أخرى قد يكون لها تأثير كبير، وهي تعزيز دور وزارة الخارجية في الأمن السيبراني من خلال ترقية المنصب السيبراني بها، وتعيين مساعد وزير يدير مكتباً جديداً لأمن الفضاء الإلكتروني والتقنيات الناشئة.
وتشمل المقترحات البارزة الأخرى استثمار المزيد من الموارد في وكالة الأمن السيبراني والبنية التحتية التابعة لوزارة الأمن الداخلي، وإنشاء هيئة تصديق تكون بمثابة «مختبر الوكلاء» والتي ستشير إلى أن المنتج قد استوفى معايير الأمان، ومطالبة الشركات المتداولة علناً بأن تثبت للجنة الأوراق المالية والبورصة أنها أجرت تقييمات للمخاطر تشمل اختبار الاختراق.
وستكون السلطة التنفيذية مطالبة بتقديم رد خلال ستين يوماً من تقديم التقرير إلى الكونجرس، والذي سيتم في جلسة استماع في نهاية مارس الجاري.

*صحفية متخصصة في قضايا الأمن السيبراني والمراقبة ومكافحة الإرهاب
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»