تمثل حماية المستهلك أولوية في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يحظى هذا الموضوع باهتمام كبير وعلى أعلى المستويات، خاصة في الظروف الصعبة والأزمات مثل أزمة كورونا المستجد، حيث يستغل بعض ضعاف النفوس من التجار وغيرهم الأوضاع التي فرضها هذا الفيروس، من أجل كسب المال والثراء على حساب جيوب الناس، رغم أن الدولة، ومنذ البداية، أعلنت أن هناك مخزوناً استراتيجياً يكفي لفترات طويلة، كما أنها أصلاً استثنت الحركة التجارية عموماً، ومحال بيع السلع، وخاصة التموينية منها من الإجراءات، بل وعملت على تسهيل هذه الحركة من أجل ضمان عدم تأثير الإمدادات التموينية. وقد فرضت الحكومة قيوداً صارمة على مراعاة معايير السلامة، وربما تكون الإمارات من الحالات القليلة في المنطقة أو حتى العالم التي اتخذت إجراءات متوازنة جداً، حيث حرصت بالدرجة الأولى على حماية الناس والاهتمام بصحتهم، لأنها أولوية قصوى، من خلال إجراءات استثنائية، وفرضت قيوداً صارمة على كل الجهات والمؤسسات والأفراد من أجل حمايتهم وحماية المجتمع، بينما نظمت حركة الناس بشكل يضمن سهولة حصولهم على السلع، وتنقلهم للضرورة. وقد استثنت الدولة من إجراءاتها المحال التجارية والبقالات والصيدليات وفتحت المجال، بل وسهلت عمليات التوصيل لكل السلع بما فيها الأدوية، وقامت بحملة توعية واسعة في هذا المجال. وهذا كله يُظهر مدى حرص الدولة والحكومة على الإنسان وضمان رفاهيته حتى في ظل هذه الظروف الصعبة جداً.
ومع كل ذلك، فإن هناك حديثاً متكرراً عن استغلال من قبل بعض التجار والمحال، حيث يلاحظ ارتفاع الأسعار بنسب تتجاوز الـ100% لسلع متوافرة، ولا يوجد أي مؤشر على نقصها. صحيح أن كورنا أثّر في سلاسل التوريد بشكل أو بآخر، فهذه العملية أصلاً حلقة متصلة ترتبط بحركة النقل البحري والجوي والتجاري، وكذلك الإجراءات المتبعة من قبل دول أخرى، لكن الدولة تبذل جهوداً متواصلة من أجل ضمان الإمدادات لكل السلع، حيث لا يوجد هناك نقص أو اختفاء لأي سلعة تقريباً، على عكس ما يحدث في الكثير من البلدان، حيث يعاني الناس إجراءات توصف بالقاسية، ونقص في المواد التموينية الأساسية، ولهذا لابد من تأكيد ما يلي:
أولاً، وقبل كل شيء، إن السلع متوافرة في الدولة، وسلاسل التوريد مضمونة، وقد سبق وأكدت وزارة الاقتصاد أن الأسواق تتمتع بحالة جيدة من حيث توافر السلع وتنوعها بمختلف أصنافها، وفي مقدمتها السلع الأساسية والغذائية والطبية، حيث تجري حركة استيراد السلع والبضائع في الدولة بالصورة المطلوبة والمخطط لها، ومن ثم لا داعي للخوف أو الهلع لدى المستهلكين.
ثانياً، إن توافر السلع بكل أنواعها تقريباً لا يبرر مطلقاً أي عمليات استغلال من أي جهة كانت، وحتى لو نقصت السلع، فلا يقبل الاستغلال في هذا الظرف أو غيره، وهناك إجراءات قوية تُتخذ ضد كل مَن يحاول رفع الأسعار أو الاحتكار، ومع ذلك هذه قضية أخلاقية بالأساس قبل أن تكون قانونية، حيث يجب على الجميع أن يُظهِروا أفضل ما لديهم في هذه الظروف، وأن يضحي بوقته وماله وجهده، لا أن يستغل ويظهر أسوأ ما في شخصيته، وذلك من أجل مصلحة الجميع، والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، بل وحتى اعتبارها فرصة لكي يظهر المرء إنسانيته وأفضل ممارساته.
ثالثاً، يجب ألا ننسى أن مسألة حماية المستهلك أو محاربة الاستغلال، هي مسؤولية الجميع، وليس الدولة فقط، وهي التي تبذل واقعياً جهوداً كبيرة في هذا المجال، حيث تتابع من خلال الأجهزة المختصة هذا الأمر عن كثب، لكن على المستهلك أيضاً واجب مهم وأساسي، حيث يجب عليه أن يقوم بدوره من خلال عدم السكوت عن أي مخالفة، أو تقديم الشكوى إلى الجهات المختصة، والإبلاغ عن أي ارتفاعات في أسعار السلع في مختلف منافذ البيع، عبر وسائل الاتصال المختلفة التي توفرها إدارة حماية المستهلك، وذلك لاتخاذ الإجراءات القانونية تجاه من تثبت مخالفته للقوانين والأنظمة واللوائح.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.