إذا كان زعيم الحزب الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط قد أنجز خطوة واسعة بانتقاله من معسكر الموالين لسوريا إلى المعسكر المضاد الذي يجعل قضية الانسحاب السوري من لبنان قضيته الأساسية والكبرى في الوقت الحالي، فإن موقفه من عودة الجنرال ميشال عون والدور الذي يطمح هذا الأخير إلى اجتراحه في المرحلة اللبنانية الراهنة، يبدو غير مفهوم بما فيه الكفاية، أو على أقل تقدير ليس منسجماً مع المقدمات التي استند إليها موقف الزعيم الدرزي المناوئ لدمشق.
فبعد سنوات من التحالف الوثيق بين المختارة ودمشق، ثار وليد جنبلاط وانتقل مرة واحدة إلى التيار الذي كان يحركه ميشال عون من خارج لبنان في مواجهة خصومه السوريين الذين أبعدوه بالقوة من قصر بعبدا بعدما أعلن نفسه رئيساً للبنان، فكان يوم خروجه من بيروت على متن مروحية عسكرية فرنسية، بعد أن دك سلاح الجو السوري مقره، يوماً أكثر من عادي في حياة جنبلاط الذي لم ير في ذلك التطور أي انتهاك لسيادة لبنان الوطنية، ليثور لاحقاً ضد السوريين متذرعاً بأمور تبدو أقل أهمية بالمقارنة مع عملية إبعاد الجنرال المتمرد عون!
واليوم بمناسبة قدومه، ينبري جنبلاط ليشبهه في تصريح مفاجئ وغير مبرر بموجة تسونامي، بما يعنيه ذلك في أذهان الناس من تدمير أدى إليه اجتياح هذه الموجة لعدد من الشواطئ الآسيوية... وكأنه يستوحي بذلك أطياف "حرب الجبل" وما نتج عنها من دمار بين الدروز والمسيحيين الذين اضطر بعضهم إلى النزوح، حيث ما تزال قضية إعادة المهجرين منهم موضع أخذ وردّ عقيم بين الحزب التقدمي الاشتراكي والقوى المسيحية التي ترى في عون عنوان الحالة المارونية وطموحها لاستعادة الهيمنة في لبنان!.
إلياس عنبر - بيروت