في مقاله المعنون بـ"نائب بريطاني يقلي الشيوخ الأميركيين في النفط" الذي نشرته صفحات "وجهات نظر" في عددها الصادر بتاريخ الجمعة 27 مايو الماضي, قال الكاتب: إن "الشهادة القوية والأسلوب المتحدي الذي واجه به "جالاوي" مستجوبيه, أدت إلى تحويله إلى رمز جديد لمؤيدي الحركة المناوئة للحرب في الولايات المتحدة الأميركية". ومع أن هذه العبارة وغيرها عبر الجزء الغالب من المقال المذكور, تعطي انطباعاً بترشيح جالاوي للعب دور كهذا, في تعبئة الضمير الأميركي والبريطاني –بل والعالمي بأسره- وحثه على مواصلة مناوأته للحرب حتى بعد فوات كل هذا الوقت على شنها, إلا أن في آخر المقال وفي أوله وبين سطوره, ما يدعو للوقوف والتأني في إصدار حكم متعجل كهذا. فلم تكن المناسبة التي ذهب فيها "جالاوي" إلى الولايات المتحدة وواجه فيها مستجوبيه من أعضاء اللجنة الفرعية الدائمة بمجلس الشيوخ -المكلفة باستجوابه- إلا تقصي مدى نزاهته وبراءته مما نسب إليه من اتهامات وشبهات, أثيرت حول كونه أحد المستفيدين من ممارسات الفساد التي أحاطت ببرنامج النفط مقابل الغذاء, أيام صدام حسين.
حول هذه الاتهامات كان جالاوي قد حصل على مبلغ 150 ألف جنيه إسترليني من صحيفة "الديلي تلغراف" في صورة تعويض عن دعوى قذف, رفعها ضد الصحيفة المذكورة بسبب الاتهامات نفسها, التي أثارها ضده مجلس "الشيوخ". غير أن الكاتب ألمح في نهاية المقال إلى ما يمكن أن يؤخذ على جالاوي, ويبعده عن الترشيح للدور الذي تحدث عنه الكاتب. ويتمثل ذلك المأخذ, في ظهور جالاوي أمام شاشة التلفزيون العراقي في عام 1994, وذلك الحديث المطول الذي أدلى به في تمجيد "شجاعة صدام وقوته ومثابرته". وهذا ما وصفه الكاتب نفسه بأنه افتقار إلى حس ومهارة التقدير السياسي. وبصرف النظر عما يمكن أن يثيره تمجيد كهذا, لواحد من أعتى طغاة العرب ومستبديهم من شبهات حوله, فهل في الإمكان تحويل شخص بكل هذا الانحياز والافتقار لحسن التقدير السياسي, إلى رمز سياسي لمناوأة الحرب؟.
محمد عمر أبوبكر- الدوحة