على الرغم من التحليلات الهائلة التي لامت العرب على عدم قدرتهم على تحقيق الوحدة بينهم، خاصة في ظل القواسم المشتركة المتمثلة في الدين الواحد واللغة المشتركة ووحدة المصالح والمصير المشترك وغير ذلك من عوامل التوحيد، وعلى الرغم من التحليلات التي تلفت انتباه العرب إلى حقيقة أن أوروبا قد نجحت في تحقيق تجربة وحدوية متقدمة، في ظل وجود عناصر فرقة بين دولها قد تفوق عناصر التوحيد، فإن نتائج الاستفتاء على الدستور الأوروبي التي انتهت برفض مشروع الدستور المقترح في فرنسا أولا ثم في هولندا جاءت كي تدلل على أن الكثير من الشعوب في هذا العصر تفضل الهوية المستقلة والمصلحة الذاتية على المصالح المشتركة، وأن ذلك ينطبق على شعوبنا العربية كما ينطبق على شعوب أوروبا.
ورفض الدستور الأوروبي في فرنسا وهولندا قد يدعو تركيا على وجه التحديد لإعادة النظر في رغبتها في الانضمام للاتحاد. فمما لا شك فيه أن قيام دولتين من الدول المؤسسة للاتحاد الأوروبي برفض الدستور الأوروبي يحمل إشارة للأتراك عن مدى المشكلات والصعوبات التي سيواجهونها بسبب رفض الدول والشعوب الأوروبية دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي الذي يرونه اتحادا ذا هوية دينية مسيحية في المقام الأول وذا منظومة من القيم تختلف عن منظومة القيم السائدة في تركيا، كما يرون أن تدني المستوى الاقتصادي للشعب التركي سيتطلب نفقات هائلة من باقي دول الاتحاد حتى يتم رفعه إلى – أو قريبا من مستويات المعيشة في باقي الدول الأوروبية - حتى مع اختلاف تلك المستويات من دولة إلى أخرى.
والسؤال الآن: هل تتخلى تركيا عن حلمها الأوروبي، وتعود للاندماج في شرقها الإسلامي أم أنها ستظل كما كانت عبر فترة طويلة من تاريخها تضع عينا على أوروبا والعين الأخرى على آسيا.
مروان رائد - سوريا