في مقاله المنشور بصفحات "وجهات نظر"، بتاريخ السبت 4 يونيو الجاري, تحت عنوان "الأمم المتحدة تؤيد المعارضة دبلوماسياً"، قال الأستاذ محجوب عثمان: إن أزمة الاتفاق على دستور قومي للفترة الانتقالية في السودان, لا تزال تراوح مكانها, وأن الاتجاه الثنائي بين طرفي الاتفاق, الحكومة السودانية, والحركة الشعبية لتحرير السودان, هو الذي يفرض نفسه على الساحة الدستورية والسياسية حتى اللحظة الراهنة. غير أن التدخل الأخير لممثل الأمين العام للأمم المتحدة في الخرطوم, وتصريحه حول أن سلام السودان الشامل لن يتحقق إلا من خلال مؤتمر دستوري جامع, يحملان الأمل في حدوث تغيير في الاتجاه السائد الآن, نحو توسيع المشاركة السياسية في صياغة مستقبل السودان, على أساس من الجماعية والإرادة الوطنية الغالبة. يذكر أنه كان من المقرر أن تجاز مسودة الدستور التي جرت صياغتها في السادس من شهر يونيو الجاري! وفيما لو حدث هذا, فإنه سوف يكون أول طعنة نجلاء, تسدد إلى خاصرة اتفاقية السلام نفسها, ناهيك عن إسهام أي دستور معزول كهذا, في عملية التداول السلمي الديمقراطي للسلطة, كما يأمل السودانيون, بعد كل هذه المعاناة الطويلة الممتدة مع أنظمة الحكم الشمولي.
فهل يحدث تدخل ممثل الأمم المتحدة الأخير هذا, تحولاً في الموقف الراهن نحو الأفضل, بما يفتح الطريق أمام المشاركة السياسية الواسعة, التي تمثل صمام الأمان الوحيد لدستور يرتضيه السودانيون جميعاً, ويمنحونه ثقتهم وتفاؤلهم؟ نأمل ذلك, وإلا فعلى اتفاقية السلام "السلام", وعلى الآمال التي علقها عليها السودانيون, أن تبحث لها عن مرتكزات جديدة تستند عليها وتبررها. ذلك أن ما يدركه غالبية السودانيين, أنهم لم ينتظروا كل هذه السنين, لكي يتسع جلباب الإنقاذ, ليبتلع داخله الحركة الشعبية لتحرير السودان, وينتهي الأمر إلى توسيع نطاق النظام الشمولي, وحقنه بدماء جديدة لا أكثر. فالديمقراطية والسلام الشامل, هما أمل السودانيين جميعاً, ولن ينوب عنهم أحد بالوكالة أو الأصالة, في صياغة هذا الحلم وتحقيقه على أرض الواقع.
جعفر إلياس خضر- السودان