نجاح المرأة في جلسة مجلس الأمة الكويتي يوم 16 مايو التاريخي، كان بلا شك نقطة تحول كبرى في تطور الديمقراطية الكويتية والخليجية والعربية. وقد أثار ذلك النجاح سلسلة متصلة من الأسئلة: فهل كانت الجلسة انتصاراً ليبرالياً أم تراجعاً وانتكاسة للإسلاميين أم تجلياً خارقاً لقدرات الحكومة؟ ما هي النتائج القانونية والاجتماعية والسياسية التي ستترتب على هذا النجاح؟ ما تأثير وانعكاسات ذلك على التيار الإسلامي والمحافظ فكراً وممارسة؟ هل ستتغير الدوائر الانتخابية في الكويت بعد أن تضاعف عدد الناخبين، وهل سنرى زيادة في عدد أعضاء المجلس؟ إلى أي مدى سيحتكر الإسلاميون الصوت النسائي كما يتوقع الكثيرون؟ ما تأثير نيل المرأة لحقوقها في الكويت على المرأة الخليجية؟ وما القوانين والتعديلات التي قد تقترحها المرأة في البرلمان؟ هل صحيح أن نيل المرأة لحقوقها سيكون على حساب أسرتها؟ وإلى أي مدى سيتحكم الأخ والزوج والابن وربما خطباء المساجد وأشرطة الكاسيت الدينية في اتجاهات التصويت؟ هل من الحكمة الاستعانة بنظام "الكوتا"، كي نسهل دخول المرأة للمجلس كما رأينا في العراق مثلاً؟
الخطوة الديمقراطية النسائية الكويتية جاءت وكأنها مساهمة في الرد على ملاحظات جماعة Freedom House التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، حيث أشارت بعد دراسة لأوضاع 16 دولة عربية والضفة الغربية وغزة، في مجالات عديدة مثل توفر العدالة والحقوق الاقتصادية والحقوق الاجتماعية والثقافية،"أن المرأة لا تتمتع بحقوقها في كافة المجالات تقريباً في المجتمع بما في ذلك العدالة والاقتصاد والتعليم والرعاية الصحية والإعلام". حقوق النساء كانت دائماً محور نزاع في العالم العربي. ولا يزال الكثيرون يتساءلون مع الكاتب مشاري الذايدي: هل يعكس وصول المرأة في اليمن مثلاً، إلى البرلمان، واقعها ودورها وحجمها الحقيقي في المجتمع، أم أنه مجرد قشرة رقيقة لزوم الديكور، والقول بأن لدينا امرأة تمارس حقها السياسي؟
كما أن النجاح النسوي الكويتي لن يحسم الجدل الديني في ثقافتنا حول حقوق المرأة السياسية بين مؤمن بها وبعدم تعارضها مع الشريعة، وقائل بأن حصول المرأة حتى على مقعد في المجلس البلدي جزء من "الولاية العامة" المحرمة عليها. فالتراث زاخر بالنصوص والاجتهادات والنماذج التي يمكن الاستعانة بها أو الانقسام حولها حسب مستلزمات الصراع السياسي. ولهذا انقسم الإسلاميون الكويتيون حول القضية، وجاء التأييد للمرأة من بعض صفوف التيار الديني السلفي. ومن هنا، فنجاح المرأة الكويتية في نيل حقوقها سيكون له تأثيره الواقعي الشديد على السجال الفقهي في منطقة دول مجلس التعاون، وسيكون هذا التأثير لصالح المرأة... على الأرجح.
على المرأة الكويتية أن تنتظر عامين قادمين كي تشارك في الانتخابات، غير أن الحكومة أسرعت إلى تعيين مهندستين في المجلس البلدي، السيدة فاطمة ناصر الصباح، وكيلة الشؤون الهندسية في الديوان الأميري، والسيدة فوزية البحر، من المتخصصات في هذا المجال. وعندما سئلت المهندسة فاطمة الصباح عن أهم المعوقات أمام تبوء المرأة مراكز مهمة في الحياة السياسية والعملية أجابت: "يظل العائق الوحيد بالنسبة للمرأة الكويتية هو العادات والتقاليد التي تنكسر إذا ما أرادت المرأة ذلك". وأضافت تقول إنه عندما سألها أحد أعضاء مجلس الأمة أو المجلس البلدي، عن مدى إمكانية مشاركتها في الحوار مع الناس وزيارة الديوانية التي يتجمعون فيها، أجابت: ما المانع في هذا الموضوع, فأنا سأدخل مع زميلتي فوزية، وهذا ليس عيباً، والديوانية اعتبرها مكاناً عاماً تتم فيها مناقشة العديد من المواضيع. أنا شخصياً إذا قمت بافتتاح ديوانية خاصة بي فسأدعو وأرحب بكل الأعضاء ولا فرق بينهم.
أثارت الحقوق الجديدة كما هو متوقع، زوبعة كبرى في الصحافة الكويتية والأوساط النسائية. د. بدرية العوضي صرحت بأن: "وجود نائبة أو اثنتين أو حتى خمس لن يحدث فرقاً أو تغييراً، ولكن التغيير الذي تحدثه المرأة في تركيبة مجلس الأمة القادم 2007، يكمن في دورها كناخبة في اختيار النواب الذين يؤمنون بدورها وقضاياها وبتأثيرها في تشكيل اللوبي في المجلس". الوكيلة المساعدة نبيلة العنجري دعت إلى استنهاض النساء الكويتيات ابتداء من الآن، فبدون مثل هذه الاستعدادات "قد تتعرض تجربة مشاركة المرأة السياسية لانتكاسة". وعن شروط نجاح المرأة في المجال النيابي ذكرت, المستوى الثقافي وامتلاك الرؤية، والشعبية بين الناشطات وتقبل الرأي العام لشخصيتها، والإيمان بالعمل الجماعي.
ولخصت أستاذة الأدب العربي في جامعة الكويت، د. سهام الفريح جوانب من برنامج العمل النسائي في البرلمان، قائلة: في رأيي أن إصلاح شأن الأسرة هو إصلاح للمجتمع. فالاهتمام بالأسرة يعني الاهتمام بالطفل والاهتمام بالشباب. يجب الاهتمام بالنظم التربوية والتعليمية, وكذلك الاهتمام بحاجات المرأة الزوجة والأم، مثل السكن ورعاية الأطفال وولايتهم ومنحها جنسيتها عند زواجها من غير المواطن و