بعد التصويت بالرفض على الدستور الأوروبي في فرنسا ومن بعدها هولندا قرأنا على لسان رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان أنه على الرغم من تصويت شعب بلاده بـ"لا" على الدستور، فإن الحكومة الفرنسية سوف تمضي قدما في التعاون مع أوروبا. ربما كان رئيس الوزراء الفرنسي يهدف من قوله هذا إلى تخفيف وطأة ما حدث، خصوصا وأن بعض المحللين يقولون إن التصويت بالرفض على الدستور في فرنسا وهولندا سوف يلقي ظلالا من الشك على مشروع الاتحاد الأوروبي برمته بدليل الانخفاض الملموس الذي حدث في قيمة العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) مقابل الدولار الأميركي، الذي يمكن النظر إليه على أنه تعبير عن تزايد الشعور بالقلق بشأن المستقبل الاقتصادي لأوروبا، وأنه يمكن أن ينذر بتفكك الوحدة المالية الأوروبية في المستقبل.
ومما لاشك فيه أن التصويت على الدستور بالرفض في فرنسا تحديدا، وهي الدولة التي لعبت دورا كبيرا في إطلاق المشروع الأوروبي منذ بدايته الأولى، قد شكل صدمة كبيرة لباقي دول الاتحاد، وخصوصا الدول المنضمة حديثا، والدول الطامحة للانضمام. وعلى ضوء ذلك فإنه يمكن القول إن القادة الأوروبيين وخاصة الفرنسيين مطالبون ببذل جهود كبيرة لاستعادة الثقة للمشروع الأوروبي وإجراء المراجعات اللازمة لمعرفة الأسباب التي أدت إلى رفض الدستور، الذي يكشف عن هوة بين رؤية الحكومات ورؤية رجل الشارع. ونحن في العالم العربي كنا نتمنى أن يتواصل نجاح الاتحاد الأوروبي ليس حبا في أوروبا في حد ذاتها، ولكن رغبة في وجود قوة عظمى تقف في وجه الهيمنة الأميركية على الساحة الدولية.
توفيق عبدالله-لبنان