اختار الدكتور خليفة علي السويدي تساؤل "لماذا لا نبدع؟"عنواناً لمقاله المنشور في "وجهات نظر" يوم السبت الماضي، ليبحث عن سبب غياب الإبداع في مدارسنا وإصرار الطلبة على الاهتمام فقط بما سيمتحنون فيه دون التركيز على القضايا المعرفية التي قد تفيدهم في حياتهم العامة. وبالنظر إلى حالة الجمود الفكري والتكلس الذهني الذي وصلنا إليه كعرب سندرك حتماً مشروعية السؤال وإلحاحه في الوقت الراهن. فكما أكدت الدراسات والأبحاث في الميدان التربوي، لم يعد النمط القديم المعتمد على الحفظ والتلقين يلبي رغبات الإنسان المعاصر الذي يتوق إلى إعمال عقله في القضايا المطروحة واجتراح الحلول ووسائل التعاطي معها. وحتى إذا رجعنا إلى التراث الإسلامي للاسترشاد، فإننا سنجد الأحاديث النبوية والآيات القرآنية تدعو إلى الاجتهاد وإعمال العقل فيما استجد من أمور.
لكن تشجيع الاجتهاد أو التفكير الإبداعي لا يقتصر على المدرسة أو ما يدعو إليه الدين، بل يشمل توفير محيط ثقافي شامل، يغير المفاهيم التقليدية التي سيطرت مع الأسف على الحياة العربية منذ قرون. والسؤال المطروح حالياً هو: هل العرب مستعدون لإتاحة الفرصة للعقل لممارسة عملية النقد الذاتي والتشكيك في المسلمات المجتمعية التي ترسخت بقوة في الذهنية العربية؟ إن ذلك يتطلب دون شك شجاعة فكرية، لأننا سنكون بذلك قد فتحنا باب التمحيص ومراجعة ثقافتنا من خلال وضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي والكف عن ترديد مقولات التاريخ العربي المجيد، وما إلى ذلك من كلام أصبحنا عادة ما نسمعه قبل كل هزيمة عربية. إن الإبداع مرتبط ليس فقط بالمدرسة، ولكن بمحيط ثقافي يشجع على الإبداع ويوفر له بيئة مواتية.
توفيق ماهر- العين