في دولة الإمارات العربية المتحدة قيادة حكيمة وشعب كريم، في صدره متسع رحب لاستيعاب آلام العراقيين وتضميد جراحهم، وهذا كله مصحوب بعمل سياسي قائم على قراءة دقيقة لعجلة التاريخ في عالم متغير. إنها سمات بارزة تميز بها قادة الإمارات، الذين ساهموا بشكل كبير في درء الخطر عن أشقائهم، وكانت أفعالهم متطابقة مع أقوالهم في حفظ الدم العراقي المسال منذ زمن، ومساهماتهم الجبارة في بناء ركائز سليمة تعتمد مفاهيم عصرية متحضرة في حماية العراق ودفع الأخطار عنه. إنه برنامج عملاق طموح، أرسى قواعده المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله)، الذي أغدق علينا نحن العراقيين مكارم سخية، وتبنى لأجلنا مواقف شجاعة أصيلة، يصعُب علينا حسابها بلغة الأرقام، نظراً لتواصلها في عهد أبنائه البررة.
فمبادرته (رحمه الله) في قمة العرب ما قبل الضربة الأميركية لصدام كان يمكن لها - لو أُنجزت- أن تجنب العراق والمنطقة إرهاصات كثيرة أعقبت سقوط "صنم بغداد"، ولكنّ خوفا عربياً من تغيير ما قد يزلزل الأرض تحت أقدام "أصنام أخرى" حال دون ذلك، مما أدخلنا في غياهب ما كان يخشاه شيخ العرب وحكيمهم.
إنها خصال وسجايا حميدة متوارثة من آباء وأجداد عظام، فعطاء الشيخ زايد للعراقيين امتد ليشمل جميع مفاصل الجسد العراقي المنهك؛ فمن منا لم تشده عيناه، أو تقده قدماه صوب ذلك الصرح الحضاري الشامخ، وهو يتوسط عاصمتنا بغداد (مستشفى الشيخ زايد)، أحد معالم عراقنا الجديد.
إن ألما شديداً هو ما نشعر به منذ أن فارقنا الشيخ زايد إلى الرفيق الأعلى، ولكن نقول له: عزاؤنا في أبنائك، فهم منبت طيب لشجرة طيبة، تتواصل بهم مسيرة الخير على ذات النهج الذي خطته أناملك، لتبقى ذكراك عطرة دوما كرائد كبير في نهضة أمة... فتحية لكم من أعماق التاريخ، فقد كنتم لنا نعم الأخ ونعم النصير.
علي السيد جعفر- بغداد