في الطبعة الثالثة من "موسوعة أديان العالم" الصادرة عن دار ويبستر في الولايات المتحدة، ورد أن تعريف العربي جاء بوصف "المتشرد، المنحرف، المتسكع، المتسول، الغبي، الفوضوي". أما الإسلام فقد قدمته هذه الموسوعة كمرادف لـ"العداء للساميّة وللدين اليهودي". وقد اعترض المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "إيسيسكو" التي تمثل إحدى وخمسين دولة مسلمة، على هذا الوصف، من خلال رسالة وجهها إلى رئيس تحرير قاموس ويبستر يطالبه فيها بالاعتذار وتدارك هذه المغالطات والافتراءات في ملحق خاص.
وكذلك كان موقف الجمعية الدولية للمترجمين العرب التي تخوض حملة عالمية ضد شركة ويبستر، حيث أصدرت بياناً استنكرت من خلاله هذا التحريف والتشويه المتعمد في حق العرب والمسلمين. وأكدت على رفض المترجمين واللغويين العرب التعامل مع جميع الجهات التي تقف وراء إصدار هذا القاموس، ووجهت الدعوة إلى المترجمين العرب لعدم اقتناء هذا القاموس المزور... (الرأي العام - الكويت 5/6/2005).
للأسف أن جريدة "الرأي العام" لم تنشر نسخة مصورة لنص التعريف الوارد في القاموس، بل وضعت غلاف الطبعة الثالثة التي يفترض أنها أوردت التعريف سابق الذكر.
إثر قراءتي لما ورد في الصحيفة الكويتية، انطلقت من نفسي عدة تساؤلات على افتراض صحة ما تم ذكره:
- ماذا ورد في الطبعتين الأولى والثانية كتعريف للعربي والإسلام؟
- كم مواطنا عربيا ومسلم ضمن المليار ونصف المليار مسلم يستطيع مادياً شراء هذه الموسوعة العالمية؟
- ما هو دور منظمة الـ"إيسيسكو" المعرفي في العالمين العربي والإسلامي باعتبارها ممثلة للتربية والعلوم؟
- ما هو الدور المعرفي للجمعية الدولية للمترجمين العرب، التي أسمع بها لأول مرة في حياتي؟
- كم نسخة يتم بيعها في العالمين العربي والإسلامي؟ (أقصد قاموس ويبستر).
- كم عربيا ومسلما يعرف معنى اللاساميّة؟
- كم عربيا ومسلما عرف عن الموضوع نفسه؟
مهما كان موقفنا من تعريف قاموس ويبستر، ترى ما هو موقفنا كعرب ومسلمين في الساحة الحضارية القائمة اليوم، ونحن نظهر للعالم في الصورة المشوهة التي يقدمها الإرهابيون على الساحة العالمية؟ ألسنا نسيء لأنفسنا حين نظهر بصورة العالم السيئ في كل شيء؟ في التعليم متخلفون، في السياسة استبداديون، مع المعارضة قمعيون، في حريات الفكر "شموليون"، في تكفير الآخرين.. في المقدمة، لا نستطيع العيش بدون استيراد كل شيء من الغرب.. حتى خبز يومنا! أليست تركيا المسلمة أحد أسباب الرفض الأوروبي لدستورهم الاتحادي؟
من يستطيع إنكار حقيقة أن العربي لا يستطيع أن يقف في الطابور في أي مؤسسة، بل يلجأ إلى الواسطة في كل شيء؟! أليس التعليم عندنا مجرد تلقين خالٍ من أدنى درجات استعمال العقل؟ ألا نؤمن حقاً برغم كل التخلف الذي نعيشه بأننا "خير من ركب المطايا..."؟!
ألسنا الجناة على أنفسنا قبل الآخرين؟ هل يوجد في العالمين العربي والإسلامي قاموس ويبستر عربي واحد؟ ألسنا العالم الوحيد اليوم الذي يضع أصحاب الفكر في السجون حين يمارسون حرية الرأي، ثم نتبجح بعد ذلك وبكل صفاقة بأن ديننا أول من اعترف بحقوق الإنسان، علماً بأن المكتبة الإسلامية لا تضم كتاباً واحداً عن الحريات وحقوق الإنسان؟ من يجب أن نلوم، قاموس ويبستر، أم أنفسنا؟ وهل قاموس ويبستر هو الوحيد الذي ظلمنا بهذا الوصف العنصري؟ ألم تتعطل الاتفاقات المعقودة بين الدول الخليجية والاتحاد الأوروبي بسبب إصرار الأخير على قضايا الحريات وحقوق الإنسان والشفافية، مقابل إصرار دولنا على عدم تطبيقها؟
أعتقد أنه حين يكون لنا دور حقيقي وفعال في الشأن العالمي، سيتغير هذا التعريف... لكن هيهات.