"رسا الملاح الإيطالي في الأرض الجديدة" هذه الكلمات كانت الشيفرة التي نقلت للرئيس الأميركي روزفلت عام 1942 حينما توصل الإيطالي "انريكو فيرمي" إلى تركيب أول مفاعل نووي انشطاري، وكانت فكرة المفاعل الوصول إلى القنبلة النووية، كما تحلم إيران حاليا بعد أن أغلق النادي النووي، ودفنت الحرب الباردة في جنازة خاشعة في باريس. وهو موقف يشبه الحاج الإيراني الذي يصل إلى عرفات بعد الانصراف عنها بثلاثة أيام. والمفاعل النووي الجديد تم اعتماد بنائه في مدينة كادارش جنوب فرنسا، وسوف يحمل اسم إيتر Iter)) ويعتمد تقنية جديدة تختلف عن المفاعل التقليدي الانشطاري. وهو يقلد الاندماج النووي الذي يحدث في باطن الشمس فينتج حرارة على وجه الأرض تصل إلى 100 مليون درجة سنتغراد، وحرارة جهنمية من هذا النوع لن يستطيع أي غلاف من أي مادة أن يصمد في وجهها قبل أن يتبخر. وسيمكن ضبط هذه النار ذات الوقود التي أخذت اسم البلاسما النووية بحقول مغناطيسية شديدة الكثافة، وسيقذف البطن بالنترونات مما يدفع ذرات الهيدروجين إلى الالتحام وتكوين بنية ذرية جديدة من مادة الهليوم مع إطلاق كمية مهولة من الطاقة لم تحلم بها الأساطير منذ أيام بورميثيوس، على قانون آينشتاين في علاقة المادة بالطاقة، أن الطاقة تعادل المادة مضروبة في مربع سرعة الضوء أي تسعين مليار مرة؟ وهو نفس مبدأ القنبلة الالتحامية الهيدروجينية التي طورها إدوارد تيللر في مشروع مايك في الخمسينيات لإنتاج الجيل الثاني من القنابل النووية. وستكون تكلفة المشروع 10 مليارات يورو تساهم فيها معظم دول الأرض الصناعية الغنية. ولن تنتهي الأبحاث العلمية عليه قبل 35 عاماً، أما الاستفادة الفعلية منه فلن تكون قبل عام 2050 ، ويطمع العلماء أن تحل مشكلة الطاقة بهذه التقنية الجديدة. ومشكلة المفاعلات النووية الاندماجية أنها تصرف من الطاقة أكثر مما تجني؛ حتى نجحت بريطانيا في مشروعها "جيت" (Jet) فحصلت 65% من مردود الطاقة لمدة ثانيتين فقط، والمشروع الجديد يأمل أن يرفع الزمن إلى ثماني دقائق، ويبني مفاعلا بقوة 500 ميجاواط، ما يعادل مفاعلا نوويا صغيرا، وفي المستقبل سوف يجني عشرة أضعاف الطاقة مما يدفع في بطن الجهاز، على أمل الوصول إلى تحويل هذه الطاقة عبر كابلات الكهرباء لاستمرار الحضارة العطشى للطاقة. ومشكلة الحضارة هي مشكلة طاقة، والحروب تدور حول منابع البترول، وحرب أميركا على العراق لم تكن من أجل نشر الديمقراطية المزعومة، بل من أجل استمرار بيع البترول بالدولار، والتقديرات أن ما يعادل ثلاث عبوات من الماء، من مادة الدويتريوم الهيدروجين الثنائي، الموجود بغزارة في مياه البحر، وقطعة حجر في قبضة اليد، من الترتيوم الهيدروجين الثلاثي الموجود في فلزات المعادن، ستكون كافية لتموين عائلة متوسطة الحجم بالطاقة لمدة عام كامل، وغرام واحد من الهيدروجين يعطي من الطاقة ما يعادل 11 طنا من الفحم، ومقدار البترول الذي استهلك حتى الآن هو 900 مليار برميل، والاحتياطي هو 1200 مليار برميل، ولكن الاستهلاك اليومي يزيد عن ثمانين مليون برميل، والسنوي في حدود ثلاثين مليار برميل، والاستهلاك في زيادة، وسعر البرميل إذا تجاوز خلال السنوات القادمة حاجز مئة دولار فهو تحصيل حاصل، وعلى الدول البترولية أن تستفيد من هذه الفرصة التاريخية، وعليها أن تسعى لإيجاد نظام نقدي جديد، لأن الدولار سوف ينخفض خلال 3 إلى 5 سنوات القادمة إلى ثلاثين في المئة من جديد فوق الثلاثين الحالية، وهذا يعني أن من بيده العملة الخضراء هو مثل من يريد جمع مائه في سلة؟ والمفاعل النووي الجديد هو الأول من نوعه، في تكنولوجيا رائدة لم يعرفها العالم منذ أبحاث الفضاء وإرسال المركبات الفضائية.
العالم يبني (إيتر) وعندنا الفرحة عامرة والحزب القائد مشغولا بعبادة الصنم، وتصدر المراسيم السلطانية أنه يجوز لبائع المعجنات أن يفتح دكانا لبيع الصفيحة بدون أخذ إذن المخابرات، وكذلك من يريد أن يقيم عرسا أو يدفن جثة؟.