مع اقتراب موعد الانتهاء من تدوين مسودة الدستور الدائم للعراق الجديد، لتقديمه للاستفتاء الشعبي العام، منتصف أغسطس القادم، يحتدم النقاش أكثر فأكثر حول نوع النظام السياسي الإداري الأنسب للعراق. ويحتدم النقاش أكثر، حول مفردة (الفيدرالية) التي تعني النظام الاتحادي. والعراقيون إزاء الموقف من الفيدرالية ينقسمون إلى أربع فئات: الأولى؛ هي تلك التي لا زالت ترفضها جملة وتفصيلا، فهي تعتبر الفيدرالية مقدمة مشروع لتقسيم العراق إلى دويلات. والثانية؛ هي التي تتمسك بالفيدرالية القومية، رافضة كل أنواع الفيدراليات الأخرى، فهي بالتالي تنادي بفيدرالية كردية في الشمال (كردستان) إلى جانب العراق. الثالثة؛ هي التي تذهب إلى نظرية فيدرالية الأقاليم، أي أن تقسم محافظات العراق إلى عدة أقاليم، في إطار فيدراليات متعددة، كأن تكون خمسة أو ستة، مثلا.
الرابعة؛ هي التي تذهب إلى فكرة فيدرالية المحافظات، من دون إلغاء فكرة الأقاليم، أي أن يتشكل العراق من (18) فيدرالية أو أقل، إذا ما رغبت بعض المحافظات في الاندماج، بعضها مع البعض الآخر، لتشكل إقليما فيدراليا لها، كما هي، مثلا، رغبة الكرد في المحافظات الشمالية، حتى الآن على الأقل.
أنا مع فكرة فيدرالية المحافظات، لكنني أود أن أشير إلى بعض النقاط التوضيحية المهمة، إذ لا يجوز أن نناقش الفكرة، خاصة إذا كانت مهمة واستراتيجية للغاية، بخلفيات ضعيفة، أو بأحكام مسبقة، أو بمواقف متشنجة، أو بالاعتماد على الشائعات وعلى القيل والقال، فقد يكون الخير كله فيها، فنخسرها ونحرم أجيالنا منها. النظام الفيدرالي في العالم، متعدد الأنواع، وإنما اختارته الشعوب لنفسها، من أجل حاجة معينة، ولذلك لا يمكن أن نقارن حاجة العراق بنموذج محدد، بكل تفاصيله.
الفيدرالية هي مشروع وحدة، وليس مشروع تقسيم أبدا، وفي حالة العراق، أحب أن أطمئن المتخوفين من مشاريع التقسيم، وأقول لهم، وبالفم الملآن، إن العراق غير قابل للتقسيم والتجزئة، أبدا، لأسباب تاريخية، وأخرى متعلقة بالوضع الإقليمي والدولي، وحتى الدول الاستعمارية، لا تريد تقسيم العراق، فهي، إن أرادت أن تلتهمه، فستفكر بالتهامه دفعة واحدة، وليس على دفعات.
نزار حيدر - واشنطن