تطرق د. خالد الدخيل في مقاله المعنون:"سوريا والبعث: ماذا وراء التلويح بالضغوط الأميركية" المنشور بهذه الصفحات إلى موضوع مهم لا أدري ما إذا كانت دوائر الحكم في الدول العربية المختلفة واعية به أم لا. الأرجح أنها واعية ولكنها تحاول أن تكسب بعض الوقت. هذا الموضوع هو أن بعض الأنظمة - وهو تناول في مقاله النظام السوري تحديدا- تلعب على وتر الوطنية لدى شعوبها، وتعلن ليلا ونهارا أنها تتعرض لضغوط خارجية قوية، ومحاولات للتدخل في شؤونها الداخلية، وأن كافة الفئات الوطنية في حاجة للتكاتف لدعم النظام في وجه مثل هذه الضغوط، وأن الوقت غير مناسب بالتالي للحديث عن أي إصلاح. وفي الحقيقة أن الأنظمة عندما تفعل ذلك تزداد ضعفا وهشاشة أمام الخارج، في الوقت الذي تزداد فيه تعنتا واستبدادا تجاه شعوبها التي تتفشى فيها البطالة والأمية وينخفض فيها مستوى المعيشة إلى مستويات مزرية. ليت هذه الأنظمة تقوم برعاية مطالب شعوبها وتعمل على تحقيق أمانيها، وتحارب الفساد، وتتوقف عن ممارسة القمع، وتقوم بتنمية البلاد، حتى تزداد مناعة وقوة وازدهارا، وتستطيع حينئذ أن تتصدى للضغوط الخارجية التي تحاول أن تفرض عليها أجندات تهدف في المقام الأول إلى تحقيق مصالح القوى الكبرى وعلى الأخص الولايات المتحدة الأميركية.
الزمن لم يعد زمن الشعارات، ولم يعد زمن اللعب على الحبال، ولم يعد زمن التلويح بورقة التهديدات الخارجية، لمواصلة الاستبداد بالشعوب بواسطة فئة محدودة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الشعب، بينما ترزح غالبيته العظمى تحت وطأة الفقر والحرمان والتخلف.على الأنظمة أن تترفق بشعوبها، وتتوقف عن الاستبداد بها والاستقواء عليها - لا بها- أمام الخارج فينتهي بها الأمر إلى السقوط أسيرة في سجون الغازي والأجنبي. ولعل ما حدث مع نظام حزب البعث العراقي عبرة لمن يعتبر.
ناصر سبعاوي- بغداد