استبدال ثقافة العنف بثقافة السلام ليس أمراً سهلاً، ويزداد صعوبة كلما تغافلنا عنه، فهو لن يتم بين ليلة وضحاها، أو بندوة أو كتيب، بل يجب أن يكون ضمن عملية مستمرة ومدروسة ومحكمة، لتخفف من آثار العنف المتواصل في منطقتنا العربية. وحتى تكون ثقافة السلام أثرا ممتدا، زماناً ومكاناً، لابد أن ينطلق من خلال مؤسسة بحثية كمركز إشاعة ثقافة السلام، تكون مهمته جمع الدراسات والبحوث المتصلة بظاهرة العنف وأسباب تناميها وأماكن تواجدها وكيفية انتشارها، وآثارها الحالية والمستقبلية. وكذلك جمع البحوث عن كيفية معالجة المتأثرين بها والحد من خطورتهم وأفكارهم. على هذا المركز المقترح أيضاً رصد الوسائل والبرامج التي تعمل على إشاعة ثقافة السلام وتفعيل هذه البرامج وتقييم نجاحاتها وإخفاقاتها ومن ثم رفعها للجهات التنفيذية.
هذا العمل يحتاج إلى متخصصين ومتدربين وكذلك الاتصال والتواصل مع المعاهد القائمة إن وجدت. البحوث التي سيقوم بإعدادها هذا المركز يمكن أن تكون موجهاً لمراكز اتخاذ القرار من مؤسسات حكومية ووزارات معنية، كما أن المركز يظل متابعاً وراصداً لهذه المعالجات حتى يتحقق هدفه المنشود، وهو إشاعة ثقافة السلام وغرس شجرة المحبة بل ومواجهة أي طارئ يعكر صفاء السلم والأمن وتحجيمه ثقافياً وإعلامياً حتى لا يؤثر سلباً على مسيرة البلاد الاقتصادية والتوافق الاجتماعي.
وكخطوة أولية ريثما يتم إنشاء المؤسسة, يجب على مؤسسات كل دولة من شرطة وأجهزة إعلام ووزارة التربية، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني، من جمعيات مهنية وأندية وجمعيات خيرية ومنتديات أن تعمل على إيجاد مشروعات وبرامج مستدامة تحمل في طياتها دعوة إلى إشاعة ثقافة السلام ونقل هذه الدعوة إلى كافة المنابر من خلال ندوات في أجهزة الإعلام.
فكرة إشاعة ثقافة السلام لا تعني الخنوع والرضا بالواقع المؤلم الذي تعيشه المنطقة العربية، ولكن تنامي ثقافة العنف أو الرفض بشكل فوضوي يجعل الرافض أكثر ضعفاً وتجلب الشر أكثر مما تجلبه من خير، إضافة إلى ذلك أن السلام هو الأصل والعنف هو الاستثناء.
حامد الطيب إبراهيم - أبوظبي