تنذر حالة الفلتان الأمني في مناطق السلطة الفلسطينية بعواقب خطيرة لا تحمد عقباها خصوصا في ظل الظرف الراهن الحساس الذي تمر به القضية الفلسطينية والذي تستعد فيه إسرائيل لتنفيذ عملية الانفصال أحادي الجانب والانسحاب من قطاع غزة وتحارب الشعب الفلسطيني على كل الجبهات، فيما تحاول السلطة الفلسطينية ضبط زمام الأمور وترتيب البيت الفلسطيني من الداخل تحت وطأة ضغوط إسرائيلية ودولية لا تحتمل·
قبل يومين تعرض رئيس الوزراء الفلسطيني أحمد قريع خلال زيارته لنابلس للاتفاق على دمج المسلحين في الأجهزة الأمنية لإطلاق نار من قبل مسلحين في المنطقة ومر الحادث دون وقوع ضحايا، ويوم أمس أطلق مسلحون النار على شرطي فلسطيني فأردوه قتيلا في جنين وأصابوا ثلاثة من زملائه بجروح، وقبل ذلك تعرض مقر المقاطعة الفلسطينية في رام الله لإطلاق نار بينما كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبومازن مجتمعا مع الحكومة·
هذه الحالة المؤسفة والفلتان الأمني تؤكد على أن هذه الحوادث ليست فردية أو عارضة وتشير إلى أن هناك استهدافا للسلطة الفلسطينية وللشرعية الفلسطينية وللمساعي والإجراءات التي تحاول أن تقوم بها لترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي وإعادة الأمن والاستقرار للأراضي الفلسطينية التي تحولت إلى غابة من السلاح غير الشرعي، كما تؤكد من جهة أخرى على أن هناك تعمدا وإصرارا على استمرار حالة الفلتان الأمني وإظهار السلطة والشرعية الفلسطينية خصوصا بعد التغييرات التي حدثت مؤخرا في الأجهزة الأمنية أمام المواطن الفلسطيني بأنها عاجزة وأمام الرأي العام الدولي بانها غير قادرة على ضبط الأمور والسيطرة على مثل هذه الأعمال التي تسيء للشعب الفلسطيني ولتاريخ نضاله ضد عدو يريد أن يجرده من كل شيء ويظهره على أنه لا يقدر على إدراة شؤونه الداخلية فكيف لمثل هذا الشعب أن يطالب بدولة !
إن الظروف التي تمر بها القضية الفلسطينية في الوقت الراهن تستوجب على كافة الفصائل الفلسطينية والقوى الوطنية والأهلية الالتفاف حول السلطة والشرعية التي تمثل الشعب الفلسطيني وتؤازرها لإنجاز المهام الصعبة التي تواجهها وليس أن توجد حالة من الفوضى والفلتان التي تهدد إنجازات دفع ثمنها الشعب الفلسطيني أعز ما يملك دماء شبابه وأبنائه، ومن حق السلطة في هذا الظرف الدقيق أن تستخدم كافة الإجراءات التي تكفل إعادة الأمن والاستقرار إلى الشارع الفلسطيني ولجم حالة الفلتان الأمني·