أحداث الحادي عشر من سبتمبر، دشنت بداية لتاريخ جديد، لكنها في الوقت نفسه، كانت امتداداً لحركة اقتصادية وسياسية واجتماعية ماضية بسرعة مذهلة بعد انتهاء الحرب الباردة، هذه الحركة تتمثل في ظاهرة العولمة.
لكن هل ساهمت هذه التفجيرات الإرهابية في تباطؤ عجلة العولمة أم أدت إلى تسريعها؟ وإلى أي مدى كانت جزءاً لا يتجزأ من هذه العولمة؟ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر توقف الحديث عن العولمة قليلاً، وكثر الحديث في اتجاه آخر هو الإرهاب والحرب ضده، وما زالت عجلة الإرهاب والحرب هذه تسير متوازية مع عجلة العولمة إلا أن عجلة الإرهاب تسبق العولمة أو تحاول تحجيمها.
وثمة تكتل كبير يقف في وجه العولمة بوجهها الجائر، هذا التكتل يرفض ما تحمله العولمة ذات الطابع الأميركي الواضح المعالم. وما زالت بعض الأوساط المتطرفة تعلن رفضها لهيمنة العولمة بثقافتها وسياستها ورؤاها الاجتماعية، وهؤلاء يرون أن العولمة تستهدف العالم من أضعف مواقعه وهو العالم العربي والإسلامي.
ويبدو أن تنظيم "القاعدة" الإرهابي لعب، بشكل أو بآخر، دوراً في الحدّ من اجتياح العولمة، والتي كانت تمارس إقصاءً للآخر، وهي التي لا تعرف حدوداً، ولا تقيم وزناً للآخرين. وبعد إرهاب الحادي عشر من سبتمبر، استيقظت بعض الأحزاب القومية، سواء كان في المنطقة أو في أماكن أخرى من العالم، للدفاع عن خصوصيتها وهوية مواطنيها، وبالتالي بدأت في إعلان رفضها المطلق للتبعية الغربية مهما كانت الحوافز. انضمت إلى هذا التيار الأحزاب السياسية الاشتراكية في كثير من أنحاء العالم، لا سيما أميركا اللاتينية، حيث اتسعت مساحة هذه الأحزاب، واعتلت قباب البرلمان والسلطة التنفيذية وظاهرة تنامي الأحزاب الاشتراكية لا يمكن فصلها عن رفض العولمة التي تقتل وتدمر الصغار والفقراء.
حامد الطيب إبراهيم- أبوظبي