تولي دولة الإمارات العربية المتحدة -كغيرها من دول العالم- قطاع السياحة أهمية كبيرة، لما يمكن أن يضيفه من أموال لخزينة الدولة، باعتباره رديفا مهمّا لمصدر الدخل الرئيسي، "النفط" لذا فقد بذلت دولة الإمارات جهودا كبيرة في صناعة السياحة الداخلية. ومؤخرا بات هذا القطاع يُنظر إليه على أنه أحد المجالات المهمّة لفرص عمل المواطنين. وتشير مشاهد تسويقية وعروض فندقية على الساحة الإماراتية، إلى أن السياحة الداخلية نشطة. فبمجرد أن تفتح الصحيفة ترى الفنادق تقدّم عروضا للإقامة، والمراكز التجارية تعلن عن مهرجانات ترفيهية وبرامج تحاول من خلالها جذب السائح الإماراتي، الذي ما زال يفضّل السياحة الخارجية، وذلك حسب دراسة حديثة متخصّصة في مجال السياحة نُشرت الأسبوع الماضي، والتي كشفت عن أن إجمالي إنفاق مواطني ومقيمي دولة الإمارات على السياحة الخارجية في العام الماضي بلغ 18 مليار درهم بزيادة 10% مقارنة مع الإنفاق عام 2003، ما يعني أن الاستنزاف المالي للسياحة الخارجية لا يزال مستمرا. كما ورد في الدراسة أيضا أن عدد رحلات السفر للمسافرين خارج الإمارات وصل إلى 2.86 مليون رحلة خلال العام الماضي!
إن الاستنتاج الذي يمكن الخروج به من تلك الأرقام أن السياحة الداخلية مردودها سيئ، مقارنة مع مردود السياحة الخارجية، وأن وسائل الإعلام المحلية تعمل على تكريس السياحة الخارجية من خلال تغيّبها عن إبراز مقومات السياحة الداخلية وتركيزها الدعائي على السياحة الخارجية. والمطلوب تحسين المقدرة التنافسية للسياحة وتنظيم حملات إعلامية لتنمية السياحة الداخلية، وهما شرطان ضروريان لجذب العائلات الإماراتية والخليجية إلى السياحة الداخلية.
وتحتاج صناعة السياحة إلى الكثير من الجهد، وتتميّز دولة الإمارات عن غيرها من دول العالم بالكثير من العوامل التي يمكن من خلالها نجاح هذه الصناعة، فعلاوة على عامل الأمان، وهو عامل مهم جدا بالنسبة إلى السياح، فإن وجود العديد من المنتجعات السياحية والمراكز التجارية والمتاحف والقلاع، يفترض أنها قادرة على جذب "السياحة العائلية" الإماراتية والخليجية ولكن الأرقام، الصماء، التي سجّلتها الدراسة تشير إلى أن نسبة 68% ممن خرجوا إلى السياحة الخارجية العام الماضي، "سياحة عائلية". وتكمن مشكلة تلهّف الإماراتيين للسياحة الخارجية في عدم المقدرة على ابتكار أساليب لجذبهم للسياحة الداخلية، فطرق الترويج وأساليب تقديم خدمات للسياح هي مكمن الخلل، وابتكار أدوات تنظيمية جيدة وجديدة لجذب السياح الإماراتيين منهم والمقيمين خير وسيلة لإصلاح هذا الخلل، فالسائح يحتاج إلى تهيئة المناخ من خلال تكثيف الحملات الإعلانية ومن خلال تقديم عروض تنافسية مع الدول التي لها باع في هذا المجال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية