يبلغ عدد الفلسطينيين في ''إسرائيل'' حاليا حوالي (1,3) مليون أو ما يعادل (19,5%) من إجمالي عدد سكانها البالغ حاليا (6,7) مليون نسمة· وحسب بعض التوقعات، فإن نسبتهم سترتفع إلى (23%) في 2020 و (31%) في 2050 وهو الأمر الذي خلق الجدل الساخن الدائر حول ''الخطر الديموغرافي'' الفلسطيني· ويشكل ''عرب إسرائيل'' جزءاً لا يتجزأ من فلسطينيي الضفة والقطاع، والدول المجاورة، والمهجر والشتات· ومعظم ''فلسطينيي إسرائيل'' هم من المسلمين (91%) ونسبة الـ(9%) المتبقية هم من المسيحيين· ونتيجة لحرب ،1948 والإرهاب الصهيوني المواكب، اضطر أكثر من 750 ألف فلسطيني إلى الهجرة· وبلغ عدد بقية السكان الذين استطاعوا البقاء في وطنهم 150 ألفاً وشكلوا أقلية في بلدهم الأصلي· ولقد بقي جزء من هؤلاء في مدنهم وقراهم الأصلية بينما أصبح ربعهم تقريبا لاجئين ''داخل'' إسرائيل التي دمّرت (521) قرية وبلدة فلسطينية·
عاش هؤلاء الفلسطينيون تحت الحكم العسكري الإسرائيلي طوال الفترة 1948-·1966 آنذاك، لم يسمح لهم بتشكيل الأحزاب السياسية والجمعيات، وفرضت قيود شديدة على تحركاتهم، مثلما فرضت رقابة صارمة على منشوراتهم وصحفهم· واستهدفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عزل الفلسطينيين في جيوب معزولة تخضع للحكم العسكري الذي يتحكم بحياتهم· ووضعهم في حالة من الحصار والإفقار· وشكل القمع الإسرائيلي مصدراً موضوعياً لتغذية الوعي الجماعي للفلسطينيين· وقد عمدت الدولة العبرية إلى إلغاء أي ذكر لفلسطين من الخريطة والتاريخ والأدب، فلم تعترف يوماً بعرب إسرائيل كأقلية قومية· وفي الفترة 1948-،1967 انقسم الفلسطينيون داخل إسرائيل إلى ثلاثة تيارات رئيسية: أولا كان هناك التيار القومي الذي التحق بالركب القومي العربي الذي كان يقوده الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي ترك تأثيره الكبير والمباشر على العرب داخل الدولة العبرية· إلا أن هذا التيار الذي عرف باسم ''حركة الأرض'' لم يكن منظما على نحو فاعل مما جعل إسرائيل تنجح في تهميشه ومحاصرته ومن ثم نزعت عنه صفة ''الشرعية'' كي لا يخوض الانتخابات للكنيست (البرلمان الإسرائيلي) السادسة· وقد كان للحكم العسكري الذي كان لا يزال جاثما على صدور العرب داخل إسرائيل ''الفضل'' في تهميش هذا التيار وعزله تدريجيا عن محيطه وأتباعه· أما التيار الثاني الذي ميّز الحياة السياسية للعرب الفلسطينيين فهو ذاك الذي تحلق حول الحزب الشيوعي الإسرائيلي وهو حزب عربي/ يهودي ناضل من أجل تحقيق المساواة للعرب وإلغاء الحكم العسكري· وقد استطاع الحزب الحصول على ربع الأصوات العربية في الانتخابات· أما التيار الثالث الذي ميز حياة العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل فهو ذاك المرتبط بالأحزاب الصهيونية ''اليسارية'' وخاصة حزب ''مباي'' و''مبام'' (العمل لاحقا) وهما من الأحزاب الحاكمة لفترة طويلة· وقد ساد هذا التيار وكان سائدا وعبر عن مصالح قوى اجتماعية وعائلية لضمان الوظيفة ولقمة العيش الأمر الذي ساهم كثيرا في عملية التهميش الوطني والقومي لهذا التيار·
شكلت هزيمة حزيران- يونيو 1967 مرحلة جديدة في حياة العرب الفلسطينيين داخل إسرائيل· وبالرغم من الشعور بالمرارة والأسى بسبب انكسار المشروع القومي النهضوي الذي قاده عبدالناصر، بدأت عملية البحث عن الذات عبر اختراق المناطق المحتلة في عام 1967 (الضفة والقطاع) والوصول إلى الأقارب والأصدقاء· في تلك المرحلة، بدأ بعض الشباب الفلسطيني في منطقة ،1948 بسبب الرغبة في العمل السياسي المنظم تحت وطأة الشعور بالهزيمة، الاتصال بمنظمات المقاومة الفلسطينية· وكانت هذه مرحلة المساهمة في العمل الفدائي· وقد دفع العرب داخل ''الخط الأخضر'' (خط الهدنة للعام 1948) ثمنا باهظا لانتمائهم ذاك وخضعوا للاعتقال والتعذيب والسجن· في بداية السبعينيات من القرن الماضي، ومع تصاعد العمل الفدائي الفلسطيني المسلح، وصعود نجم منظمة التحرير الفلسطينية وانتصار حرب تشرين الأول/ أكتوبر ،1973 تنامى الوعي الفلسطيني في ''الداخل'' وتزايدت الجرأة الجماهيرية· وقد تجسد هذا الوعي بتأسيس الحركة الطلابية العربية في الجامعات الإسرائيلية وتنظيمات محلية دافعها قومي مثل ''حركة أبناء البلد''· وقد أدت التغييرات الاجتماعية والسياسية إلى أول مواجهة عنيفة مع المؤسسة الإسرائيلية في 30 مارس من عام 1976 الذي عرف بيوم الأرض الذي يعتبره محللون فاتحة نضال الشعب الفلسطيني في مناطق 1948 ونقطة تحول مفصلية في حياتهم· ومنذ ذلك الحين تحول ''يوم الأرض'' إلى يوم ذكرى للشهداء·
بدأت منظمة التحرير تهتم بأحزاب الداخل وبالذات مع ''الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة'' بقيادة ''الحزب الشيوعي الإسرائيلي'' وجمهرة الأحزاب التي انبثقت منذئذ بهدف تحويل العرب إلى قوة تأثير في المجتمع الإسرائيلي· وغالبا ما تدخلت ''المنظمة'' في الانتخابات الإسرائيلية· ومن خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى والثانية، كشف ''فلسطينيو ''1948 عن تمسكهم المتنامي بهويتهم القومية والوطن