ابتُلي العراق في فترة النظام السابق بآفة هدر وتبذير الأموال العامة والإسراف غير المحسوب من قبل أفراد ذلك النظام بدون رقيب أو حسيب· فقد تم صرف أغلب موارد البلد على ملذات قيادات ذلك النظام، وعلى مشاريع لا تمت للتنمية بأية صلة لا من قريب ولا من بعيد، وبخاصة في مرحلة التسعينيات من القرن المنصرم التي اعتبرت مرحلة الذروة لمثل هذه التصرفات، مما أعاق مسألة النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية·
وبالتالي أدى السلوك السياسي العام للنظام السابق إلى زيادة مشاكل الفساد الإداري والمالي والسياسي والأخلاقي للنخبة الحاكمة آنذاك وشاعت قيم المحسوبية والمنسوبية والتمييز الطائفي والمناطقي ضد أبناء الشعب، وتفشت الرشوة والسرقة لدى كبار المسؤولين وكان أشهرها فضيحة سرقة أحد أبناء المسؤولين -وكان وقتها وزيراً في الدولة- لأموال مذكرة التفاهم (مذكرة النفط مقابل الغذاء والدواء) واكتفى النظام وقتها بنقل الأب من موقع وزاري إلى آخر كعقوبة· كذلك فضيحة تواطؤ مسؤولين كبار في الأمم المتحدة بتزوير عقود استيراد وتحويل أموالها إلى بنوك أوروبية!!·
وبعد تغيير النظام السياسي السابق، ودخول قوات الاحتلال إلى العراق في 9/4/2003 وخوض عملية الانتخابات التاريخية التي استبشرت بها فئة كبيرة وعريضة من الشعب العراقي المظلوم، فمازال يرى المتتبع للشأن العراقي صورة واضحة للفساد الإداري والمالي في دوائر الدولة، ولكن هذه المرة بصورة أكثر ضراوة عما قبل بالشكل الذي لا يمكن السكوت عنه! إذ تشير الإحصائيات الأخيرة للفساد في العالم إلى أن العراق يقع في المراتب الأخيرة (المرتبة 129) في سلم الفساد أو الدول الأنظف من هذه الآفة·
هذا إذا ما أضفنا إلى ذلك قضايا المحسوبية والمنسوبية والانتماء الطائفي والحزبي والمناطقي ومسألة الولاء السياسي وكلها أمور تعبر عن مدى الخطورة التي تنتظر الشأن والمستقبل العراقي السياسي والاقتصادي في المستقبل المنظور·
وجدان فالح الساعدي - العراق