يبدو العالمان العربي والإسلامي مهددين باستهدافات كثيرة من الداخل والخارج· ونشعر في متابعة أوضاع عدد من دولهما وكأن انفجارات كثيرة آتية هنا وهناك، وحرائق منتظرة في أكثر من مكان· القلق كبير· والصورة ليست إيجابية· أينما ذهبت شعرت بذلك· ومع أي مسؤول التقيت سمعت:''لا نستيطع أن نقول كل ما نعرف· الوضع خطير· وليس ثمة من يحاول جدياً إنقاذ الوضع· كل واحد في موقعه يتصرف لحماية موقفه فقط· هو لا يوافق ولا يدرك أن الحماية يجب أن تكون جماعية· أنقذنا الله مما هو آت··''!!
أما إسرائيل فتراها مرتاحة· وهذا ما يؤلم· تعمل على خطوط واتجاهات عديدة، وتحاول تنفيذ مشاريعها واستراتيجيتها في كل مكان· هي في فلسطين صاحبة الأرض والقرار!! تنسحب من غزة لتحاصر أهلها وتقتلهم جماعياً· ترفض الانتخابات مسبقاً إذا شاركت فيها حماس· تريد من السلطة الفلسطينية مواجهة مع حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من التنظيمات التي لا تزال ترفع شعار المقاومة لأن المقاومة مرفوضة· وفي الوقت ذاته، يتم تعطيل لقاء شارون - أبو مازن وتستمر أعمال بناء المستوطنـــــات في الأراضي الفلسطينية، كما يستمر رفض إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين· وهي تهدد لبنان وتشن حملة على المقاومة فيه، وتذهب إلى حد اتهامها بأنها تقف وراء ''الأعمال الإرهابية'' التي ينفذها الفلسطينيون في الداخل، وتضاعف خروقاتها الجوية والبرية والبحرية، واعتداءاتها على اللبنانيين وتحرض على الفتنة بينهم· ولا تتوقف عن ممارسة التحريض ضد سوريا أيضـــاً· ولاشك في أن ثمة تناغماً أميركيا- إسرائيلياً حول هذه المسائل وحول جدول الأولويات في المنطقة· لأن الهجمة الأميركية لا تزال قائمة ضد المنظمات نفسها التي تصنفها إسرائيل إرهابية· وقد صدرت سلسلة مواقف أميركية وغربية تتهم ''حزب الله'' بالوقوف وراء عمليات إرهابية في العراق· وقد اتخذت سلسلة من القرارات السياسية والإعلامية في عدد من العواصم الغربية للحد من تغطية محطـــة ''المنار'' التابعة لحزب الله ولتطويق الحزب، في إطار التركيز على ''دوره الخارجي''· والواضح أننا أمام مرحلة جديدة في المشروع ذاته، وهي مرحلة تطويق هذه القوى وإضعافها· ويبدو أن أزمة لبنان المفتوحة، والتي ستشهد فصولاً كثيرة بعد صدور تقرير لجنة التحقيق الدولية، وستكون ثمة تداعيات وتطورات مرتبطة به أو ناجمه عنه، وأزمة سوريا مع العالم تقريباً، والتطور الأخير الذي حصل في دمشق بانتحار وزير الداخلية اللواء غازي كنعان، والأوضاع في العراق بل أزمة العراق الدموية المفتوحة على كل الاحتمالات، هذه الأزمات المترابطة عملياً من حيث الاستهدافات والنتائج والتأثيرات على مستقبل كل المنطقة، تعطي إسرائيل فرصة لاستكمال مشاريعها وتحقيق ما تريد· وهي إلى جانب ما ذكرنا، لا تكتفي بالوقوف عند حدود أطماعها المحلية، بل هي تدرك أن الأزمات المذكورة، والمنظمات المذكورة والمطلوب إسقاطها، على علاقة بشكل أو بآخر بإيران· ولذلك هي تسعى منذ مدة لإسقاط إيران· تريد توجيه ضربة لها مباشرة أو غير مباشرة عن طريق تكليف جهات أخرى بهذا العمل أو تلزيم هذه الجهات هذه المهمة!! وقد وصل ''الغضب'' الإسرائيلي إلى حد تحريض إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش على ضرب إيران ''تجنباً لاحتمال أن تقوم إسرائيل بذلك بذريعة البرنامج النووي الإيراني''· في وقت أعلن فيه قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد خامنئي توسيع صلاحيات الرجل المعتدل رفسنجاني ووضع الرئيــــــس الإيراني الجــــديد أحمدي نجاد تحت وصايتـــــــه كما قيل وذلك في محاولة للتخفيف من حدة المواقف المتشددة التي اتخـــذها الرئيس الجديد!!
الوفد الإسرائيلي قال للأميركيين ''جدوا حلاً وإلا سنعمل في الاتجاه العسكري· إن إيران لن ترتدع بأي وسيلة أقل من التهديد باللجوء إلى القوة· إن غالبية الإسرائيليين يرون أن إيران هي أخطر مصدر لتهديد إسرائيل· وإن العمل من جانب إسرائيل سيكون أسوأ سيناريو ويمكن أن يشعل الرأي العام في العالم الإسلامي كله· إذا تعين علينا أن نفعلها سنفعلها· لكن لو فعلها المجتمع الدولي والولايات المتحدة لأمكن احتواء الصراع أمّـا إذا فعلتها إسرائيل فلن يكون هناك فرصة لاحتواء الصراع''· الخطير أيضاً في الكلام الإسرائيلي هو ما قاله يوسف لبيد رئيس حزب شينوي: ''إن الشعب اليهودي ضحى بستة ملايين يهودي لأن العالم الغربي لم يدرك من هو هتلر· ولسنا على استعداد للتضحية بستة ملايين إسرائيلي لأن العالم لا يدرك ماذا يعني نظام آيات الله في إيران''!!
أما السيد رفسنجاني فقال: ''المسألة هي أن نكون منطقيين وأن نفاوض ونكون نشطاء دبلوماسياً· وعلينا استخدام جميع السبل ولكن بشكل منطقي وحكيم من دون استفزاز وشعارات كي لا نعطي الحجة والذرائع للأعداء''·
أكرر القول مرة جديدة· مهما كانت قضيتك عادلة ومحقة ومشروعة ونبيلة وسامية ومهما كانت إرادتك قوية في الدفاع عنها، فإن إدارتك لها، إذا لم تكن ناجحة ومتماسكة وحكيمة وعاقلة، فلن تربح القضية· ولا يكفي أن نقول إننا أصحاب حق