تعقيبا على هلينا كوبان
مرة أخرى يطفو موضوع سحب الولايات المتحدة لقواتها من العراق على السطح ويتكرر صداه في الأوساط السياسية مذكرا المجتمع الدولي براهنية القضية العراقية، خصوصا عندما تقارب الموضوع كاتبة أميركية رصينة تتخذ من الموضوعية أسلوبها في التحليل· عندما قرأت مقال الكاتبة الأميركية المنشور على هذه الصفحات أمس الجمعة تبادر فورا إلى ذهني معنى ''وشهد شاهد من أهلها'' حيث لم تدخر الكاتبة وسعا في انتقاد السياسة الأميركية في العراق مشيرة إلى الأوضاع الأمنية المتردية التي وصل إليها البلد· وتساءلت الكاتبة ونحن معها أيضا عن تلك الوعود التي كانت تطلقها الإدارة الأميركية عشية الحرب على العراق من أنه سيصبح واحة للديمقراطية تفيء بظلها على عموم منطقة الشرق الأوسط· لقد تلاشت تلك الوعود في ظل ما يشهده الواقع العراقي المأزوم، خصوصا وأن العملية السياسية لم تسهم في حل المشاكل المستعصية· فبعد إجراء انتخابات الجمعية العمومية وتشكل أول مجلس منتخب في تاريخ العراق الحديث، وبعد المناقشات الطويلة التي صاحبت عملية صياغة الدستور، مازالت الطريق وعرة أمام التهدئة الأمنية والاستقرار السياسي· وتلفت الكاتبة النظر إلى مسألة وحدة العراق، ويبدو أن صاحبة المقال منشغلة على تماسك الجسم العراقي أكثر من العديد من العرب في منطقتنا، حيث طالبت بانسحاب القوات الأميركية كحل لابد منه للحفاظ على اللحمة العراقية· فحسب رأيها لم يؤد التواجد الأميركي سوى إلى استقواء بعض الأطراف على قوى أخرى مما أدى إلى اختلال الموازين في العراق والتهديد بتقسيم العراق· كما حذرت الكاتبة أيضا من اندلاع حرب أهلية على أسس طائفية نتيجة الاختلال الذي أحدثته القوات الأميركية في البلد والفرصة التي أتاحتها لقوى معينة بفرض سيطرتها على حساب الآخرين· لذا تعتبر صاحبة المقال أن أفضل ما يمكن القيام به من أجل العراق في هذه المرحلة هو سحب القوات الأميركية من العراق دون إبطاء·
خيري عبدالله-الأردن