تعقيبا على د.أحمد البغدادي.. ظاهرة الفساد
في مقاله المنشور بصفحات وجهات نظر يوم أمس الثلاثاء تحت عنوان ''فقر وفساد'' ربط د· أحمد البغدادي بين الفقر والفساد مستندا في ذلك على التقرير الأخير الذي نشرته منظمة الشفافية العالمية والذي جاء فيه أن أكثر دول العالم فقرا وهي بنغلادش وتشاد وهايتي وميانمار هي الأكثر فسادا أيضا· لا أختلف مع د· البغدادي في أن الفقر يدفع إلى الفساد في كثير من الأحيان وخصوصا في مجال العمل الحكومي للأسباب المعروفة وهي أن دخل أو مرتب الموظف لا يكفيه للنهوض بأعباء أسرته فيضطر إلى تلقي الرشاوى بل والمطالبة بها بل إن من يتعاملون مع الأجهزة الحكومية كثيراً ما يدفعون مثل تلك الرشاوى عن رضا لإدراكهم بسوء حالة ذلك الموظف وأن هذا هو الطريق الوحيد أمامه لتصريف أموره·
وبمضي الوقت يصبح هناك نوع من الرضا الضمني أو نوع من الصمت المتواطئ مع الفساد· الأكثر خطورة من هذا أن الدولة نفسها تتغاضى عن هذا الفساد أي أنها ترى ذلك الفساد ولا تسعى إلى محاربته لأنها -خصوصا في دول العالم الثالث- تعرف أنها غير قادرة على إدارة شؤون البلاد، وأنها قد فشلت في جميع خططها التنموية وأنه لا يوجد حل قريب في الأفق ولا أمل في المستقبل فتفضل أن تترك الأمور تسير كما هي عليه وتترك الفاسد يزداد فسادا والمرتشي يزداد ارتشاء ورجل الأعمال الفاسد يزداد غنى والفقير المطحون يزداد فقرا· وهكذا يزداد الفساد رسوخا ويتجذر يوما بعد يوم حتى يصبح من الصعب اقتلاعه، حتى لو حدث بعد ذلك وتحسنت أحوال الفقراء في مثل تلك البلاد لأن الفساد يكون قد أصبح جزءاً من الثقافة العامة في هذه الحالة·
رجب رفعت - أبوظبي