''عيد المظال'' ترجمة لكلمة ''سوكوت'' العبرية وتعني ''المظال'' (صيغة الجمع لكلمة ''مظلة'')· وعيد المظال ثالث أعياد الحج عند اليهود، (إلى جانب عيد الفصح وعيد الأسابيع)· وقد سُمِّي هذا العيد على مدى التاريخ بعدة أسماء من بينها ''عيد السلام'' و''عيد البهجة''· ويبدأ في الخامس عشر من شـهر تشـري في التقويم اليهودي (الذي يوافق 18 أكـتوبر من هذا العام)، ومدته سـبعة أيام ، بعد عـيد يوم الغفران· وكان هذا العيد في الأصل عيداً للحصاد، فكان يُحتفَل فيه بتخزين المحاصيل الزراعية الغذائية للسنة كلها، ولذا فإنه يُسمَّى أيضا ''حج ها آسيف''، أي ''عيد الحصاد''· ولكن يلاحظ أن كل الأعياد اليهودية أعياد زراعية تحتفل بدورة الطبيعة ولكنها أيضا أعياد تاريخية تحتفل بمناسبة مهمة في مسيرة الشعب اليهودي، مما يعني أن الشعب اليهودي يقف في مركز الكون· ولذا فرغم أن عيد المظال هو عيد حصاد إلا أنه أيضا العيد الذي يحيي فيه اليهود ذكرى خيمة السعف التي آوت العبرانيين في العراء أثناء الخروج من مصر· وقد جاء في سفر اللاويين إشارة إلى هذا العيد: ''وتأخذون لأنفسكم في اليوم الأوَّل ثمر أشجار بهجة، وسعف النخل، وأغصان أشجار غبياء، وصفصاف الوادي'' (23/40)· ويشار إلى كل هذه النباتات على أنها الأنواع الأربعة (بالعبرية: أربا مينيم)· وقد أجمع الحاخامات على أن أشجار ''بهجة'' هذه هي نبات حمضي يُسمَّى ''الإترُج''، وهو نوع من الموالح يشبه الليمون· أما الثلاثة المتبقية فأولها هو الشعنينة (وجمعها شعانين) أي سعفة النخلة قبل تفتحها (بالعبرية: لولاف)· أما ثاني الأنواع فهو غصنان من الصفصاف، وثالثها أغصان من الريحان (شجرة الآس) (بالإنجليزية myrtle)· وتربط هذه النباتات الثلاثة في حزمة واحدة ويشار لها جميعا بأنها ''لولاف'' لأن سعفة النخل هي أطولها· كما يشار للنباتات الأربعة بأنها ''لولاف وإتروج''·
والأنواع الأربعة لها مضامين رمزية كثيرة فسعفة النخل هي رمز العمود الفقري، والريحان (صغير بيضاوي الشكل) رمز العين، ونبات الصفصاف (ورقته كبيرة وبيضاوية) رمز الفم، أما الإتروج فهو رمز القلب· وعادة - كما أسلفنا - ما يلتقي الكوني مع التاريخي في التراث الديني اليهودي، ولذا نجد أن الأنواع الأربعة تمثل كلا من الجسد البشري وأنواع اليهود المختلفة· فنبات الإتروج رائحته زكية وطعمه لذيذ فهو مثل اليهودي الذي يعرف التوراة ويؤدي الأوامر والنواهي· أما النخل ففاكهته طعمها لذيذ ولكنها لا رائحة لها فهو مثل اليهودي الذي يعرف التوراة ولكنه لا يؤدي الأوامر والنواهي· أما الريحان فرائحته نفاذة ولا طعم له فهو مثل اليهودي الذي يؤدي الأوامر والنواهي ولا يعرف إلا أقل من القليل من التوراة· أما الصفصاف فلا طعم ولا رائحة له فهو مثل اليهودي الذي لا يعرف التوراة ولا يؤدي الأوامر والنواهي·
ويتم الاحتفال بالعيد بأن يأخذ اليهود النباتات الأربعة المشار إليها، فيمسكون بالأغصان بيمناهم بعد ربطها بطريقة خاصة ويلوحون بها في كل اتجاه (شرقاً وغرباً، وإلى الجنوب والشمال، وإلى أعلى وأسفل) رمزاً إلى أن الإله هو رب الطبيعة، كما يضربون الأرض بأغصان الصفصاف حتى تتساقط كل أو معظم أوراقها رمز فصل الشتاء حين تتساقط أوراق الأشجار· ثم يؤخذ أحد أسفار التوراة من تابوت لفائف الشريعة، أي الدولاب الذي يحتوي على مخطوطة التوراة المكتوبة بخط اليد على رقائق من الجلد· ويوجد هذا التابوت في أهم الأماكن في المعبد اليهودي، بحيث يشاهده كل المصلين، فلفائف الشريعة تعد أكثر الأشياء قداسة عند اليهود· ويوضع السفر الذي أخذ من التابوت على المنصة (بيماه) التي يتلو منها القارئ السفر فيدور المصلون حوله مرة، إلا في اليوم الأخير حيث تؤخذ كل الأسفار من التابوت وتوضع على المنصة ويدور كل المصلين حولها سبع مرات· وبعد ذلك، يقيم اليهود في أكواخ مصنوعة من أغصان الشجر في الخلاء تُدعى ''سوكاه''· ولابد أن يصنع اليهودي هذه الأكواخ بنفسه، أو على الأقل يشارك في صنعها· وتذكر السوكاه اليهود بالبيوت التي آواهم فيها الخالق أثناء سنوات التيه في الصحراء· وقد لاحَظ بلوتارك الشبه بين طقوس السوكاه وعبادات ديونيزيوس الإغريقية· ولعل هذا يعود إلى أن السوكاه تُغطَّى بأوراق الكرم، وتُعلَّق عليها عناقيد العنب، وكان اليهود يشربون داخلها الخمر ويغنون ويرقصون· ويُكتفَى الآن في الدول الغربية الباردة بعمل مظلة صغيرة من السعف، تُنصَب في إحدى شرفات المسكن، ويتناول اليهود فيها وجبات الطعام· وقد يُكتفى ببـناء سـوكاه بجوار المعبد اليهودي حيث يتناول فيها اليهود وجبة رمزية، على أن يقضوا ليلتهم في بيوتهم·
وقد ظهرت مشكلة هذا العام في الدولة الصهيونية، إذ كانت مصر تصدر مليون سعفة نخل (لولاف) يذهب نصفها للولايات المتحدة والنصف الثاني لإسرائيل· ولكن وزارة الزراعة المصرية وجدت أن هذا مرهق للغاية للنخيل وبالتالي منعت تصديره· وقد حاول اللوبي الصهيوني الضغط على الحكومة المصرية من خلال الإدارة الأميركية ولكن المحاو