يمثل الوجود العسكري الأميركي في اليابان إحدى القضايا التي لا يمكن فهمها بسهولة تامة، فالدولتان خاضتا حربا مدمرة انتهت بهزيمة اليابان واستسلامها عام ،1945 لكن مع ذلك فإن طوكيو تعد إحدى أقرب وأقوى عواصم العالم الحليفة لواشنطن!
وفيما لعبت اليابان خلال عقود الحرب الباردة دورا محوريا في الصراع مع الشيوعية وفي إسقاطها، وطدت الولايات المتحدة من وجودها العسكري في اليابان وزادت قواعدها التي يتجاوز عددها الآن ست قواعد في جزر يابانية مختلفة·· وكان التهديد الذي تمثله كوريا الشمالية أحد المبررات الأساسية لذلك الوجود الأميركي على أراضي اليابان، باعتبار أن الصواريخ النووية التي يفترض أن بيونع يانغ صنّعتها في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، يصل مداها إلى أبعد من طوكيو، كما أعلنت ذلك مرارا مصادر البنتاغون! وكانت الصين الشيوعية أيضا أحد الأعداء المفترضين لتجربة التقدم الاقتصادي والتقني في اليابان، مما عزز علاقة الارتباط العسكري بين طوكيو وواشنطن، إلى أن أصبحت اليابان رسميا تحت المظلة النووية الأميركية بداية من منتصف السبعينيات· ورغم أن القوانين اليابانية تمنع دخول السفن النووية إلى مياهها الإقليمية، فقد وافقت مؤخرا حكومة طوكيو على استبدال حاملة الطائرات الأميركية التي كانت في مياهها، وتعمل بطاقة الوقود التقليدي، بحاملة طائرات أخرى أميركية تعمل بمفاعلات نووية، مما أثار السؤال مرة أخرى عن الأسرار الغامضة في هذه العلاقة!
ولعل بعض التفسيرات التي ذهبت في منحى تحليلي سيكولوجي لنظرة اليابان وتعاملها مع الولايات المتحدة، ربما قالت جزءا من الحقيقة؛ فذلك البلد الذي حلت به هزيمة ليس لمرارتها مثيل في التاريخ، تعطل تفكيره إزاء الطرف الأميركي الذي بات له رمزياته المتضاربة في مخيلة اليابان!
محمد حباني - كوالالامبور