حدثت في الآونة الأخيرة تغيرات مهمة مست الرأي العام في السعودية ولبنان· فبالرغم من القضايا المحلية والداخلية التي ينشغل بها الشعبان، فإن ذلك لم يحل دون تنامي الشعور بالتفاؤل حول المستقبل، حيث أعربت نسبة كبيرة من السعوديين واللبنانيين أنها راضية عن الوضع الراهن، مركزة اهتمامها على المشكلات الملحة التي تتطلب معالجة سريعة، وواضعة الهوية الوطنية فوق كل الاعتبارات· كانت تلك بعض النتائج التي خلص إليها استطلاع للرأي أجرته ''مؤسسة زغبي'' الدولية خلال النصف الأخير من شهر أكتوبر 2005 بتمويل مشترك بين منظمة القادة العرب الشباب والمعهد العربي- الأميركي· وإليكم النتائج:
في السعودية وُجِّه إلى العينة التي استطلع رأيها سؤال يعتبره السياسيون مقياساً أساسياً لجس مستويات الرضا لدى الرأي العام متمثلا في ''هل وضعك الآن أفضل مما كان عليه قبل أربع سنوات؟'' لم يكن ذلك هو السؤال الوحيد، بل أتبع بسؤال آخر يقول ''هل وضعك أفضل مما كان عليه والداك؟''، علاوة على سؤالين آخرين يرميان إلى تحديد مدى تفاؤل الرأي العام السعودي وهما ''هل تعتقد أن أمورك ستكون أفضل خلال الأربع سنوات المقبلة؟'' و''هل سيكون أبناؤك في وضع أفضل من وضعك الحالي؟''، وقد جاءت الإجابة على تلك الأسئلة لتؤكد الزيادة الملحوظة في مستويات الرضا والتفاؤل لدى الرأي العام السعودي لتفوق ما تم التوصل إليه في استطلاع رأي سابق كان قد أجري في ·2002 وتشير النتائج الحالية إلى وجود هامش من السعوديين تتراوح نسبته ما بين 12 و49% ممن يصرحون بأن أوضاعهم اليوم أفضل مما كانت عليه قبل أربع سنوات، بالإضافة إلى هامش 12 إلى 45% يقولون إنهم أفضل حالاً من آبائهم· ولم يقتصر التحسن في مستويات الرضا على الحاضر فقط، بل تحسنت أيضا التوقعات حول المستقبل حيث وصلت نسبة السعوديين الذين أعربوا عن تفاؤلهم في المستقبل إلى 71%، في حين لم تتجاوز تلك النسبة 40% سنة ·2002
ووفقا لنتائج استطلاع الرأي نلاحظ أن التغييرات طالت أيضا القضايا الداخلية للسعوديين· فبينما احتلت في السنة الماضية قضية ''القضاء على التشدد والإرهاب'' المرتبة السابعة على سلم الأولويات، صعدت اليوم إلى المرتبة الثانية· لكن، في المقابل، علينا أن ننتبه إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه مسألة ''دعم الديمقراطية والإصلاح'' تتبوأ المركز الرابع سنة ،2004 انحدرت اليوم إلى المركز الثامن· وبالرغم من أن السعوديين يتفقون على أن تأمين الوظائف هو أهم تحدٍّ يواجه بلادهم، إلا أنهم مازال يحدوهم الأمل في أن تنجح السعودية في توفير المزيد من الوظائف للشباب· بالإضافة إلى ذلك أظهر استطلاع الرأي أنه من بين كافة الدول يعتبر السعوديون الأقل استعداداً لمغادرة بلدهم بحثاً عن العمل· ويبقى في الأخير تسجيل تحول آخر طرأ على السعوديين يتجلى في الهوية التي يحددونها لأنفسهم· فبينما عرف السعوديون أنفسهم سنة 2002 على أنهم عرب، نجدهم اليوم يشددون على انتمائهم السعودي قبل أي شيء·
ولا تختلف كثيراً الاتجاهات العامة لنتائج استطلاع الرأي في السعودية عما هو مسجل في لبنان· فبالرغم من الانقسامات والتوتر السائد حالياً في المجتمع اللبناني، إلا أن هناك جواً من التفاؤل يخيم على البلد لا يمكن إنكاره· وإذا كانت إجابة اللبنانيين عن الأسئلة التي طرحت على السعوديين ليست بذات الإيجابية المرتفعة، غير أن مؤشرات الرضا والتفاؤل تبقى أعلى مما كانت عليه سنة ·2002 ففي ذلك الوقت لم تكن نسبة اللبنانيين ممن أكدوا تحسن وضعهم تتعدى 9% في مقابل 65% ممن قالوا إنه ساء· أما اليوم فقد اتسع هامش اللبنانيين الذين أبدوا رضاهم عن الحاضر من 25 إلى 39%· وفي الوقت الذي كان فيه هامش اللبنانيين الذين يعتبرون أنفسهم أفضل حالا من آبائهم ما بين 26 و49% وصلت تلك النسبة اليوم إلى 52%· تفاؤل اللبنانيين حول مستقبلهم هو الآخر في تحسن مستمر حيث توقع ما بين 14 إلى 55% حياة أفضل لأبنائهم في مقابل 16% فقط سنة ·2002