لماذا التوجه نحو اليسار ؟
في مقاله المنشور بصفحات وجهات نظر يوم السبت 31 يناير 2006 تحت عنوان'' الشعبوية الجديدة في أميركا الجنوبية'' ذهب د· صالح عبد الرحمن المانع إلى أن سياسات الإدارة الأميركية تجاه أميركا الجنوبية قد أوصلت بعض الساسة اليساريين إلى السلطة في قارة أميركا اللاتينية وأن هناك ستاً من أكبر الدول في تلك القارة أصبحت تحكم من قبل رؤساء اشتراكيين· وإنني أتفق مع د· المانع في هذا الرأي، وأتنبأ مثلما تنبأ بأن هناك المزيد من الدول سوف تتجه يساراً خلال السنوات القليلة الماضية· فسياسات الولايات المتحدة ضد دول أخرى فقيرة في أفريقيا تحديدا وبعض مناطق آسيا، ستجعل هذه الدول مضطرة إلى الاتجاه يساراً بعد أن خبرت السياسات الأميركية ولمست النتائج التي يمكن أن تترتب على وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، والتي أدت إلى أضرار اقتصادية فادحة لدولة غنية بالموارد مثل الأرجنتين· وليس هناك خلاف على أنه من حق أي دولة أن تسعى إلى مصالحها، وأنه من حق الولايات المتحدة أن تفعل ذلك بالطبع باعتبارها دولة ''إمبراطورية''· ولكن ليس من حق أحد أن يفرض وصايته على الشعوب، وأن يقدم لها بالإكراه وصفات جاهزة مثل الخصخصة وتشجيع الاستثمار الأجنبي على اعتبار أن تلك السياسات ستحقق مصالحها في حين أنها لن تحقق سوى مصالح الشركات الكبرى المتعددة والمتعدية للجنسيات، التي أصبحت تهيمن على اقتصادات وعلى سياسات الكثير من الدول التي سلمت رقبتها لوصفات المؤسسات والمنظمات الدولية التي تعمل كلها في خدمة الولايات المتحدة في الأساس· فهذه الشعوب تعرف مصالحها وإذا ما أيقنت أن الخصخصة والأسواق الحرة لن تحقق لها التقدم والازدهار فإنها ستتجه إلى تطبيق السياسات التي ترى أنها ستحقق مصالحها بصرف النظر عن الوصفات الجاهزة ويحضرنا هنا مثال ماليزيا التي قدم لها صندوق النقد الدولي وصفة للخروج من أزمتها في أواخر تسعينيات القرن الماضي ولكنها تجاهلتها وطبقت سياسة تتفق مع ظروفها ومصالحها وخرجت من أزمتها·
عماد أمين- دبي