شهدت أسعار الأسهم في السوق المحلية خلال العام المنصرم تحوّلات قياسية، ارتفعت بقيمة الاستثمار في هذه السوق بنسبة ثلاثة أضعاف إلى 241 مليار دولار، وهو أكبر معدل للنمو في العالم العربي خلال العام المنصرم، ما يجعلها ثاني أكبر سوق عربية من حيث الحجم· وجاء ازدهار الأسهم المحلية نتيجة لتضافر عوامل إيجابية عدة في مقدّمتها تدفّق كميات كبيرة من السيولة نحو الأسواق المحلية من مصادر محلية وخارجية عدة، واتساع وتنوّع قاعدة الشركات المدرجة وزيادة رؤوس أموال أو تجزئة أسهمها وارتفاع أرباحها إلى مستويات قياسية، ما لعب دورا مهمّا في تحريك السوق· ورغم ما تعرّضت له السوق المحلية من موجات تصحيحية متفاوتة بلغت ذروتها نهاية العام الماضي، فإن هذه التصحيحات كانت ضرورية جدا وقد مكّنت السوق من التقاط أنفاسها وهي تنمو بوتيرة هي الأسرع في المنطقة، حيث جعلتها أكثر واقعية بعد أن تجاوزت أسعار الأسهم كل حدود المنطق الاقتصادي، بل أسهمت هذه التصحيحات بصورة مباشرة في ''عقلنة'' القرارات الاستثمارية في السوق، كما ساعدت أيضا في تنمية الوعي الاستثماري لدى شريحة كبيرة من المستثمرين بمختلف أحجامهم وتوجّهاتهم، باعتبار الدروس العملية هي أبلغ وسيلة للتعلّم في سوق تفتقر كثيرا للقرارات الاستثمارية الرشيدة، حيث تأكد للجميع أن إغراء الأرباح الكبيرة علامة تحذير تعقبها انخفاضات حتميّة عاجلة أم آجلة·
مع مطلع العام الجديد بدأ المستثمرون في تحسّس اتجاه بوصلة السوق، بعد أن ارتحل العام الماضي بهدوء تاركا خلفه حالة من الغموض يصعب معها التنبؤ بمسيرة السوق خلال الفترة المقبلة· فمنذ تلقيها الجرعة التصحيحية الأخيرة، ظلّت السوق تتحرّك ضمن هوامش ارتفاع وانخفاض ضيقة تبعث على القلق· وفيما يرى البعض أن سوق الأسهم المحلية يمكن أن تكرر خلال العام الجديد ما أنجزته عام ،2005 إذا ما توافرت لها عوامل ومسبّبات النجاح نفسها، يؤكد البعض أن قوة الدفع وراء الارتفاعات التي شهدتها هذه السوق خلال عام 2005 سيكون من الصعب المحافظة عليها خلال العام الجديد، وأن أسواق الأسهم المحلية التي طال صعودها من المرجّح أن تفقد زخمها خلال العام الجديد نتيجة ردّ فعل المستثمرين على تباطؤ نمو الأرباح وارتفاع أسعار الأسهم كثيرا عن معدلاتها الحقيقية، بعد أن ارتفعت القيم السوقية لأسهم أغلب الشركات المدرجة في سوق الأسهم، خاصة القيادية، إلى معدلات قياسية لا تتناسب مع الوضع المالي للشركات، حيث تظهر هذه المبالغات غياب الرؤية الواضحة لدى العديد من المتعاملين واستمرار سيطرة مفهوم المضاربة في قراراتهم الاستثمارية، في سوق تعاني ضعف تنوّع الفرص والقنوات الاستثمارية، ومحدودية الاستثمار المؤسسي، الذي يسهم في استقرار الأسواق المالية بصورة عامة، باعتبار أن أغلب توجّهات استثماراتها طويلة الأجل وكبيرة نسبيا، ومبنية على حسابات واقعية دقيقة· وفي ظل هذا الوضع المتقلّب للسوق حاليا يصعب تحديد اتجاهات مستقبلية، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن القيم السعرية ما زالت عالية، وعلى المتعاملين التعامل بحذر خلال العام الجديد تحسّبا لمزيد من التقلّبات، حيث لم يعد من السهل تحقيق أرباح في السوق المحلية، التي تتطلّب مزيدا من الاحتراف خلال المرحلة المقبلة·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae