سلاح الإعلام وتزييف الوعي
في مقاله ''لغة الأخبار الأميركية: تواطؤ بهدف التشويه'' المنشور على صفحات وجهات نظر يوم أمس الثلاثاء تطرق الكاتب والصحفي البريطاني البارز روبرت فيسك إلى موضوع التضليل الإعلامي والضغوط التي تمارس على الصحفيين من أجل التخفيف من تقاريرهم، أو استخدام عبارات غالبا ما لا تعبر عن الواقع ولا تسمي الأشياء بمسمياتها· أعطى الكاتب العديد من الأمثلة التي يدور جلها حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والطريقة التي تلجأ إليها بعض الصحف كي تلوي عنق الحقيقة وتقدم مادة إلى قرائها تقلب الحقيقة رأسا على عقب· والسبب ليس غريبا إذا ما عرفنا أن معظم المنابر الإعلامية الغربية يسيطر عليها أصدقاء إسرائيل الذين لا يألون جهدا للتعبير عن تعاطفهم مع الممارسات الصهيونية وتغليفها في عبارات رقيقة تنزع عنها شكليا الفظاعات التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني· وعلى سبيل المثال أورد الكاتب تسمية ''المستعمرات'' والمستوطنات الإسرائيلية التي تحولت في لغة الصحافة الغربية إلى مجرد ''أحياء يهودية''· كما أن الجدار العازل الذي يقضم الأراضي الفلسطينية ويلتهم جزءا كبيرا منها أصبح في العرف الغربي مجرد ''جدار أمني'' أو ''سور'' عادي لا يتسبب في أي ضرر·
إن إسرائيل أدركت مبكرا خطر سلاح الإعلام والدور الذي يمكنه أن يلعبه في صياغة الوعي بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خصوصا لدى الرأي العالم الغربي الذي تغيب عنه التفاصيل ولا يعرف حقيقة الصراع ولا تطوره التاريخي· لذا يلجأ الصهاينة إلى التأثير على وسائل الإعلام من خلال دس الصحفيين المحسوبين عليهم، أو السيطرة المالية على المؤسسات الصحفية الكبرى من أجل الترويج لأفكارهم والحرص على إبقاء الحقيقة في أيديهم يشكلونها حسب رغبتهم دون تدخل من أحد· ولعل ما أورده روبرت فيسك من أمثلة يدلل على تلاعب الإعلام بالكلمات والعبارات من أجل رسم صورة مزيفة عن واقع الصراع واستبدال الأدوار كي يصبح الجلاد هو الضحية وتتحول الضحية إلى جلاد فتختلط المفاهيم في ذهن الرأي العام الغربي وينتهي به الأمر مساندا للمواقف الإسرائيلية·
إبراهيم بلحمانية- المغرب