لا شك أن دولة الإمارات العربية المتحدة عاشت خلال أقل من عامين حدثين جللين بوفاة قائدين مؤسسين، للدولة، هما المغفور لهما بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، ولعل المتتبع لردود الفعل في المناسبتين على المستويين المحلي والدولي لا يكتشف فقط المحبة والمكانة الكبيرة للإمارات قيادة وشعبا، ولا يكتشف متانة النسيج في الاتحاد شعبيا ومؤسساتيا وحسب، ولكن يكتشف الأهمية الهيكلية الاقتصادية والإعلامية للدولة إقليميا ودوليّا، فقد تفاعلت وكالات الأنباء العالمية والدولية مع الحدث على نحو بالغ السرعة والشمول، وقامت وسائل الإعلام وبسرعة كبيرة بطرح العديد من الملفات والبيانات التي تتعلق بماضي وحاضر ومستقبل الدولة، كما كانت ردود الفعل الرسمية دوليا انعكاسا لمكانة الدولة وقياداتها، ولمكانة ودور وإنجازات فقيد الوطن الراحل· ومن هنا كان مهما ليس للإمارات وحسب ولكن للعالم ككل ما تم إثباته أمس مرة أخرى من درجة عالية من المؤسسية، ومن ترسيخ أعراف وتقاليد للعمل السياسي، في الدولة، لمواجهة أصعب الملمات والأحداث، بأكبر قدر من السلاسة والسرعة والهدوء، وهو ما تجسد في انتخاب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائبا لرئيس الدولة، وتكليفه تشكيل المجلس الوزاري الجديد· لقد عكست تعليقات المراقبين الدوليين أول أمس، وفور إذاعة نبأ الوفاة، ترقبا حول استقرار أسواق الإمارات المالية والتجارية، ولكن صحف أمس، خرجت بعنوان يؤكد أن الترقب تبدل إلى ثقة واطمئنان بسرعة فائقة، ويلخص ذلك عنوان أكثر من صحيفة ووكالة أنباء أجمعت على أن الانتقال ''السلس'' للسلطة يثبت الثقة بأسواق الإمارات''· وكانت القرارات الأخرى من مثل قيام بعض الوزارات والمؤسسات الاتحادية بمعالجة أي وضع طارئ للمواطنين والوافدين خلال الأيام المقبلة، من فترة الحداد، دليلا آخر على المؤسسية العالية، والقدرة على التعامل مع الملمات· بطبيعة الحال لن تتوقف الأسئلة في المرحلة المقبلة بشأن ترتيبات أخرى، من مثل طبيعة التشكيلة الوزارية القادمة، وقضايا أخرى، وبعض الأسئلة في واقع الأمر هي أسئلة موجودة وموضع بحث رسمي وشعبي حتى قبل الوفاة، وبالمجمل فإنه وبغض النظر عن طبيعة هذه الأسئلة، فإن ما أصبح واضحا للقاصي والداني، هو القدرة الإماراتية والكفاءة العالية في الاستجابة للمتطلبات المختلفة التي تحتاجها مسيرة الدولة للاستمرار في النجاح والتطور اللذين يتحققان باطراد من تأسيس الاتحاد·
عن نشرة أخبار الساعة
الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
www.ecssr.ac.ae