ديمقراطية الشعارات
في مقاله ''سياسات الطاقة أولاً··· ونشر الديمقراطية ثانياً'' المنشور بصفحات ''وجهات نظر'' يوم الأحد الثامن من يناير الجاري، استوقفتني دعوة الكاتب والمحلل السياسي الأميركي توماس فريدمان للثنائي بوش ونائبه ديك تشيني إلى الكف عن الاستخفاف بالسياسات البيئية، مصحوبة باستطراد آخر في الحديث عن أنه ''ليس هناك ما هو أكثر بعداً عن قيم الوطنية من ازدراء قضايا حماية البيئة وترشيد استهلاك الطاقة· وعلى من يريد أن ينشر الديمقراطية أن يتبنى السياسات الخضراء أولاً'' إلى آخر المقال· لكن من هذه الدعوة لاحترام البيئة وتبني السياسات الخضراء شرطاً لنشر الديمقراطية وقيمها في مختلف أنحاء العالم، إنما يفتح الكاتب باباً ضيقاً وموارباً، يخفي وراءه الكثير من الدعوات التي يجب أن توجه للثنائي ولغيرهما في إدارة بوش الحالية· فمن باب الدعوة لاحترام البيئة، تنشأ الحاجة لاحترام المجتمع البشري عموماً سواء كان هذا المجتمع في الولايات المتحدة الأميركية أم خارجها· وعلى الرغم من صحة القول إن إصلاح حال الآخرين وقيمهم يبدأ بإصلاح الذات والبيت الأميركي أولاً، كما دعا الكاتب في مقاله، إلا أن تصدر دور القيادة والريادة في تحويل المجتمعات باتجاه قيم الحرية والديمقراطية يقتضي أولاً أن تحترم أميركا القيم والمبادئ العامة التي تمس البشرية جمعاء وتحافظ على أمنها وصحتها وخيرها وسعادتها· ولا أظن أن في خروج أميركا -في ظل إدارة بوش الحالية- من عدد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المرتبطة بحماية البيئة والتغير المناخي- مثلما هو عليه خروجها من اتفاقيات وبروتوكولات معاهدة كيوتو- إضافة إلى خروجها عن معاهدة حظر نشر الأسلحة النووية واتفاقية المحكمة الجنائية الدولية وغيرها، يؤكد أياً من هذه المعاني أو القيم الداعمة لخير وسعادة البشرية جمعاء· ولما كانت هذه هي المواقف العملية للإدارة، فهل تقتصر دعوتها لنشر الديمقراطية وقيم الحرية، على المناداة بشعارات جوفاء خالية من المعنى والمضمون؟
محمد آدم النور- دبي