كاديما بعد شارون بين التلاشي والاستمرار
نضج الشارع السياسي في إسرائيل، وحاجة حزب ''كاديما'' لصياغة خطاب واضح، والانتقال السلس للسلطات داخل الحزب بعد رحيل مؤسسه شارون، قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في موضوعات الصحافة الإسرائيلية لهذا الأسبوع·
''الطريق نحو النضج'': بهذا العنوان استهلت صحيفة ''هآرتس'' افتتاحيتها ليوم الجمعة متحدثة عن مستقبل حزب ''كاديما'' بعد أرييل شارون، والطريق الذي ستختطه السياسة الإسرائيلية إجمالا تجاه القضايا المطروحة، خصوصا فيما يتصل بالعلاقة مع الفلسطينيين خلال المرحلة المقبلة· ترى الصحيفة أن شارون خلف وراءه حزبا لما يتشكل بعد، بحيث لم تنتخب هياكله المختلفة، فضلا عن الشك والريبة اللذين يلفان استمراره في غياب القيادة الموحدة التي كان يمثلها شارون· حزب ''كاديما'' الجديد حرك مياها راكدة في الحياة السياسية الإسرائيلية ومنحها زخما كانت تفتقده مستقطبا أشخاصا ينظر إليهم البعض على أنهم انتهازيون يبحثون عن مقاعد مريحة ومضمونة داخل الكنيست الإسرائيلي· غير أن الصحيفة، وخلافا لبعض التوقعات الأخرى، لا تعتقد أن حزب ''كاديما'' سيتلاشى بغياب شارون، رغم ما يتميز به هذا الأخير من شخصية قوية وشعبية كبيرة· فالطريقة التي تم بها استقبال المولود الجديد في الحياة السياسية الإسرائيلية من قبل الرأي العام، كما تشير إلى ذلك استطلاعات الرأي، تدل بما لا يدع مجالا للشك على أن الحزب مرتبط أكثر بنضوج الشارع الإسرائيلي وانتقاله من أيديولوجيات اليمين واليسار إلى سياسة الوسط· لقد جاء ''كاديما'' كتعبير عن استعداد الرأي العام الإسرائيلي لتقاسم الأرض مع الفلسطينيين والتخلي عن التصورات المتطرفة للمستوطنين· وطالما أن الحزب هو نتاج تغير واسع طرأ على المزاج السياسي الإسرائيلي، فإنه قد يتجاوز شخص شارون ليعمر طويلا على الساحة السياسية·
''الحاجة إلى خطاب واضح'': نشرت ''هآرتس'' مقالا يوم الأحد للكاتب الإسرائيلي أوزي بنزيمان يتناول فيه الإرث الذي سيتركه شارون لحزب ''كاديما'' والطريقة التي سيستثمر بها الحزب قوة شارون وسلطته لبلورة خطاب واضح يقود الحزب إلى الحكومة· وفي هذا السياق يحاول أعضاء حزب ''كاديما'' الالتصاق بالآراء السياسية لشارون متبعين الخطوات نفسها التي كان يخطوها على رأس الحزب· لكن الكاتب يدعو الحزب إلى توخي الوضوح في مساره الأيديولوجي وعدم الاكتفاء بالوفاء لإرث شارون، لأن التركة السياسية لهذا الأخير تحتمل أكثر من قراءة· فمباشرة بعد خطة فك الارتباط من غزة صرح شارون بأنه لن يكون هناك مزيد من الانسحابات، كما أعلن أن الجدار العازل سيرسم الحدود المستقبلية لدولة إسرائيل، فضلا عن موافقته على فصل مستوطنة معاليم أدوميم عن مدينة القدس· وفي الأسابيع الأخيرة استمر التمويل الحكومي في التدفق على المستوطنات، بما فيها الوحدات غير القانونية· لكن في المقابل كشفت بعض المصادر المقربة من شارون عن نيته في الانسحاب من الضفة الغربية· وإذا كانت مواقف شارون تتأرجح بين السلام وتعزيز الاستيطان، فذلك أمر مفهوم لدى سياسي لا يرغب في كشف جميع أوراقه، والإعلان عن خططه السياسية· لذا يرى الكاتب أن مهمة تبديد الغموض الذي يلف مواقف ''كاديما'' يقع على عاتق خلفاء شارون في الحزب والذين يتعين عليهم في هذه المرحلة صياغة خطاب سياسي واضح يحفظ للحزب قوته على الساحة السياسية·
''اتزان وتعقل'': خصصت ''جيروزاليم بوست'' افتتاحيتها يوم السبت للحديث عن تداعيات الحالة الصحية الحرجة التي يمر بها رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون سواء على الساحة الداخلية أو الخارجية· تشيد الصحيفة بما أسمته بالاتزان السياسي الذي ساد إسرائيل عقب دخول شارون المستشفى ومغادرته للحياة السياسية وهو لم يقض بعد ستة أسابيع كاملة على رأس حزبه الجديد ''كاديما''· وإلى حد الآن يبدو أن الشخصيات القوية في الحزب قررت عدم الدخول في صراعات داخلية حول زعامة الحزب، وهو ما يؤشر، على حد زعم الصحيفة، إلى التعقل والاتزان السياسي الذين باتا ميزة للسياسة في إسرائيل· فقد جاء انتقال السلطات إلى إيهود أولمرت سلسا ولم تسجل اعتراضات من قبل الرموز الأخرى في الحزب· الصحيفة تدعو إلى ضرورة التمسك بهذا الوفاق الداخلي وتحذر من حدوث انشقاقات مبكرة قد تضعف موقف الحزب في الانتخابات المقبلة، ذلك أن قوة الحزب تكمن في تماسك لحمته والتفاف الناخبين حول برنامجه السياسي· أما على الصعيد الخارجي فقد أوردت الصحيفة بعض المواقف الإيجابية للقادة العالميين وإشادتهم بشارون وخصاله، خصوصا وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي وصفته بأنه ''شخصية عملاقة''· وبينما أعرب القادة العرب على انشغالهم بما ستؤول إليه الأوضاع بعد شارون، لم يخف الشارع العربي ارتياحه لقرب اختفاء واحد من ألد الأعداء· ويدل تعاطف العديد من قادة الدول الغربية مع شارون على تغير الموقف الدولي من إسرائيل خلال الخمس سنوات الأخيرة، والذي لعب فيه شارون دورا كبيرا·
''ماذا بعد انتهاء الت