رائحة الدخان الذي ينبعث من سيارة المغني ''ويلي نيلسون'' تشبه رائحة الفول السوداني أو البطاطس المقلية أو أي نوع آخر من المحاصيل، وكل ذلك يعتمد على نوع الوقود البديل الذي يوجد بخزان سيارته· وفي حين يحاول النجم الموسيقي ''بونو'' تغيير العالم وجمع التبرعات من ساسة العالم وأغنيائه من أجل الفقراء، ويقوم المغني ''بوب غيلدوف'' بتقديم سهرات لأغراض خيرية، فضل ''ويلي نيلسون'' إنتاج نوع جديد من الوقود البديل اختار له من الأسماء ''بيو ويلي''· عاملان رئيسيان كانا وراء قيام السيد نيلسون، البالغ من العمر 72 عاما، بإنتاج هذا النوع من الوقود: حبه للمزارعين وكرهه للحرب في العراق·
يعتبر ''بيو ويلي'' نوعا من أنواع الديزل البيولوجي، ويمكن استخراجه من عدد من المحاصيل بهدف استعماله في محركات الديزل· وإذا كان الأمر يبدو في ظاهره أقرب إلى النكتة، فإن سيارات وشاحنات عدد من الشركات والمدن والولايات عمدت إلى استعمال خليط الديزل البيولوجي خلال السنة الماضية· وتكمن الحكمة من وراء اعتماد هذا الخليط الجديد في كونه وقوداً يمكنه أن يكون اقتصادياً بالنسبة للمزارعين كما أنه لا يؤذي البيئة، وإن كان خبراء البيئة ما يزالون منقسمين حول الأمر·
وبخصوص فكرة إنتاج هذا النوع الجديد من الوقود قال ''ويلي نيلسون'' في حوار صحفي أجري معه مؤخرا: ''لقد كنت أعلم أننا بحاجة إلى شيء يغنينا عن النفط الأجنبي والاعتماد عليه، وعندما سمعت عن الديزل البيولوجي خطرت لي الفكرة، وقلت في نفسي إن فيه يكمن مستقبل المزارعين والبيئة وأصحاب الشاحنات''، مضيفا ''يبدو أنه سيكون مفيداً للجميع في حال استطعنا إنتاج وقودنا بأنفسنا بدل خوض الحروب من أجله''·
والواقع أن الأمر لا يعدو أن يكون عودة إلى بدايات محرك الديزل، ذلك أن المحركات الأولى التي اخترعها ''رادولف ديزل'' كانت تشتغل بزيت الفول السوداني منذ أكثر من قرن· ويبدو أن هذا الوقود الجديد آخذ في شق طريقه بثبات، حيث أعلنت إحدى شركات الشحن العاملة بميناء ''سياتل'' خلال الأسبوع الماضي عن عزمها شراء 800000 غالون من الديزل البيولوجي لتشغيل تجهيزاتها، معظمه خليط يعرف باسم ''بي ''20 الذي يشكل الديزل العادي حوالي ثمانين في المئة منه· ومنذ أواخر شهر سبتمبر المنصرم، أصدرت ولاية ''مينيسوتا'' قانونا ينص على أن يضم وقود الديزل المبيع في الولاية نسبة 2 في المئة من الديزل البيولوجي· هذا فيما عمدت مدينة ''سينسيناتي'' إلى استعمال 30 في المئة من خليط الديزل البيولوجي (بي 30) في حافلات المدينة بسبب المخاوف من نقص في الوقود عقب إعصار كاترينا·
وتختلف أسعار الديزل البيولوجي، الذي يباع تحت اسم ''بي ،''20 باختلاف الحجم والمنطقة، ولذلك ترمي التحفيزات الضريبية في هذا الباب إلى تجسير هذه الهوة بخصوص الأسعار· وفي هذا السياق، بيع ''بيو ويلي'' الخميس الماضي بـ2,37 دولار للغالون في ''كارلز كونار''، وهو أحد مواقف الشاحنات في ولاية تكساس الذي يتخذ منه السيد نيلسون مقرا للشركة التي أنشأها منذ سنة، وهو سعر أغلى بـ4 سنتات فقط من الديزل العادي الذي يباع في محطة الوقود القريبة· ويستهدف ''بيو ويلي'' على الخصوص فئة أصحاب الشاحنات، ويباع عادة تحت اسم ''بي ''20 (الديزل البيولوجي الصافي قد يتجمد أوقات البرد)، ويباع حاليا في 13 محطة وقود وموقف شاحنات في أربع ولايات (يتركز معظمها في تكساس)، كما يستعمل لتشغيل الحافلات والشاحنات المرافقة للسيد نيلسون في جولاته بالوقود·
إن ''بيو ويلي'' يظهر بجلاء أن تضافر عوامل الحروب في الشرق الأوسط والاحتباس الحراري وارتفاع الأسعار في محطات الوقود دفعت بالعديد من الناس إلى البحث عن حلول بديلة لأزمة الطاقة الخانقة التي يعاني منها العالم· وإذا كانت السيارات ستشتغل يوما ما بالهيدروجين أو الكهرباء أو الغاز الطبيعي أو الإيثانول، فإن السيد ''نيلسون'' راهن على الديزل البيولوجي·
بيد أن كل بديل للنفط لا يخلو من سلبيات، فإذا كان من شأن الديزل البيولوجي خفض انبعاثات المواد الملوثة والغازات المسببة للاحتباس الحراري، ويحل محل النفط الأجنبي، فإن بعض الدراسات أظهرت أنه يتسبب في انبعاث إحدى المواد الملوثة الضارة وهي ثاني أوكسيد النيتروجين، كما أنه لا يمكن إنتاجه بكميات وافرة وكافية لتعويض النفط اللهم إلا إذا قررت البلاد تحويل كل ضواحيها إلى مزارع· ثم إن إنتاج كميات كبيرة من الديزل البيولوجي عن طريق الذرة وحبوب الصويا قد يساهم في ارتفاع أسعار المواد الغذائية· وفي هذا الصدد، استبعد ''بيل رينورت''، مدير التكنولوجيات المتقدمة بالفرع الأميركي لشركة تويوتا، إمكانية أن يحل الديزل البيولوجي محل النفط ويصبح بديلا له، مضيفا أن إيجابياته ليست كثيرة كما أن استعماله محدود جدا· وبالمقابل، يرى ''بيتر بيل''، رئيس إحدى شركات توزيع الديزل البيولوجي التي تشتغل مع السيد نيلسون، أنه من بين مجموع محطات الوقود الموجودة في البلاد والتي تقدر بحوالى 200000 محطة، فإن 650 منها تبيع الديزل الب