هل نقول إن العالم يعيش أزمة فكر سياسي لنعرف الأسباب الحقيقية وراء التصريحات المفخخة، وما يتطاير عنها من تهديد ووعيد هنا وهناك ينذر باتساع دائرة النيران التي ما استراحت المنطقة العربية، وبخاصة الخليج، من حرائقها، التي أتت على الأخضر واليابس في كثير من الأقطار·
فمنذ حرب الخليج الأولى، ثم الثانية، وما سبق ذلك من أزمتنا المزمنة في فلسطين، والمنطقة تتكبد الخسائر الفادحة والتي فقدت خلالها من الإمكانيات البشرية والمادية ما جعلها على حافة الهاوية، لا تتحمل أبداً أوزار أخطاء تاريخية أخرى قد تؤدي بها الى دفع ثمن باهظ، هو ثمن النهايات القصوى التي تكون فيه الشعوب قد نالت ما نالت من الخراب والدمار بفعل سراب يسعى إليه البعض، وحماقة سياسية يتبناها البعض الآخر·
من هذا المنطلق، ونحن على مشارف أزمة جديدة بدأت تتفاقم وتتعاظم شرارتها، أزمة المفاعل النووي الإيراني، وما تبع هذه الأزمة من أقوال قد تصبح أفعالاً لا تحمد عقباها، تتحمل جريرتها المنطقة وشعوبها المنطلقة الى غدٍ تنأى به المنطقة عن مكاره الأقوال، وغلو الأفعال، والعيش بسلم وسلام، يعود الى الجميع بالأمن والاستقرار، والتآلف من أجل البناء والتطوير·
لا شك أن سير إيران باتجاه التوسع في بناء مفاعلاتها النووية أمر مخيف ومفزع، ليس للعالم فحسب، بل لشعب إيران نفسه، المتطلع الى علاقات محبة مع جيرانه وعالمه الأوسع، لكن معالجة مثل هذه الأزمة بحاجة الى كثير من الحنكة العالمية والفطنة لدرء أخطار المواجهات التي لا يعرف أحد مداها·· أجل العالم بحاجة الى فكر سياسي جديد، متجرد من النوايا المسبقة، متحرر من العصبيات العمياء، متحلل من براثن الخوف من الآخر·
فالتواصل هو الحل، والقواسم المشتركة هي الطريق الى تحرير العالم من عدوانية الحلول، والفكر البشري الذي أدهش القاصي والداني بمنجزاته الصناعية قادر على حل معضلة مفاعل إيران الذي لا زال في طور النشوء وأصبح التخلص من أعبائه يمثل إضافة جديدة لخدمة إيران والعالم معه··
وما التشنج من قبل أطراف الأزمة إلا لعنة، وجب على العالم أجمع الالتفاف ضدها وكسر شوكتها، والخروج منها الى عالم يسوده الحب والوئام، وإذا كانت منطقة الخليج تعتبر رئة العالم الاقتصادية، فإنها يكفيها من دخان الحسابات الخاطئة والسياسات غير المحسوبة، وما تريده الشعوب هو مفاعلات تنموية تنهض بحياتها وتقودها الى مستقبل، يضمن للأجيال حقها في العيش بكرامة وشرف·