إثر التدهور المفاجئ في صحة رئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون، سارعت العديد من وسائل الإعلام العربية إلى إعداد مواد مطولة عن تاريخ الرجل ودوره في الحروب التي خاضتها إسرائيل، وقد حاول البعض من وسائل الإعلام العربية هذه، أن يظهر الوجه الدموي لشارون بوصفه ''بطل'' مذبحة صبرا وشاتيلا وبوصفه مهندس الاستيطان الأول وصاحب نظرية تكسير الإرادة الفلسطينية، وأحد القادة الإسرائيليين شديدي الإيمان بإسرائيل الكبرى··· إلا أن ذلك يذكرنا بالحملة التي شنتها بعض الأجهزة الإعلامية العربية ضد شارون ذاته لدى فوز حزبه ''الليكود'' عام ،2001 وكذلك ضد بنيامين نتنياهو إثر فوز ''الليكود'' بزعامته قبل ذلك عام ···1997 مما أعطى الانطباع بأن المشكلة كلها تكمن في شخص أو شخصين -مثل نتنياهو وشارون- يتصفان بالتطرف والقسوة، وما عدا ذلك فلا يوجد إلا شعب مسالم ومتحضر ومأخوذ بالرغبة في العيش مع جيرانه! والحقيقة أنه، ودون أن نقع في شيء من قبيل نظرية المؤامرة، فإن اختلاق موضوع معين لتركيز المشاعر المعادية ضده، هو حيلة سيكولوجية معروفة لصرف الطاقة النفسية ومكنوناتها المعادية عن الموضوع الأصلي! وبذلك تصبح المشكلة في أساسها مع نتنياهو أو مع شارون، وليست مع الدولة اليهودية ذاتها ككيان فاقد للشرعية إذ قام على أرض منتزعة ومغتصبة من أصحابها الحقيقيين بحق القوة فقط! صحيح أن مزاج الشارع العربي لا يمكن أن ينظر بإيجابية إلى أي من شارون أو نتنياهو، لكنه في العمق لا يعتبر المشكلة في أساسها مع شخص أو شخصين، وإنما مع الفكرة أو مشروع الدولة الذي دافع عنه الرجلان واشتركا في حروب العدوان الكثيرة لصالحه!
ناهد حيدر- رام الله