برزت مرة أخرى على الساحة العربية والخليجية مشكلة الأقليات· فالأقباط في مصر عقدوا مؤتمراً لهم في العاصمة الأميركية واشنطن، وذلك بعد وصول ''الإخوان المسلمين'' إلى السلطة في البرلمان المصري· والحكومة المصرية، ولأول مرة منذ ثورة يوليو عام 1952 تقوم بتعيين محافظ قبطي· وفي العراق استمرت العمليات الارهابية ليس فقط ضد الشيعة، بل شملت السُنة، وهنالك اعتداءات متكررة ضد المسيحيين والكنائس في مختلف أنحاء العراق· وفي السودان تشير التقارير الدولية إلى انتهاكات كثيرة تقوم بها ميليشيات ''الجنجويد'' التي تساندها الحكومة السودانية ضد الأقليات الأفريقية في دارفور·
ما يهمنا في هذا المقال هو تفاقم وضع الأقليات الدينية في الوطن العربي بشكل عام والخليج بشكل خاص· إن حالة التهميش وعدم تحقيق المساواة التي تعيشها الأقليات أوالجماعات الفرعية هي قضية قديمة مزمنة، وقد حذر تقرير التنمية الانسانية العربية لعام 2004 منها على سبيل المثال: شمال العراق وجنوب غرب السودان وأوضاع التركمان والعرب في شمال العراق والمناطق المهمشة في جنوب وغرب السودان ومعاناة الأقلية الكردية في سوريا ومحاولتهم الحصول على أبسط حقوقهم المشروعة وهو الحق في الجنسية· كما شهدت مناطق القبائل في الجزائر اضطرابات كثيرة منذ عام ·2001
دول الخليج العربية ومنها الكويت لم تغير حتى الآن القانون السيئ الصيت الذي وافق عليه مجلس الأمة الكويتي عام 1980 والذي يمنع تجنيس المسيحيين مما يعتبر من أكبر المخالفات لحقوق الانسان المسيحي في الكويت ودليل صارخ على تعسف الأغلبية ضد الأقليات· كما توجد في دول الخليج العربية جماعات مهمشة ومضطهدة يأتي في مقدمتهم فئة ''البدون'' وهي الفئة التي لم تحصل على الجنسية في دول الخليج لأسباب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها· كما أن هنالك تفرقة في دول الخليج ضد المواطنين المتجنسين حديثاً حيث ينظر لهم كمواطنين من الدرجة الثانية حيث لا يمكن لهم حق الترشيح والانتخاب للهيئات التمثيلية· التساؤل الآن: لماذا أثيرت مشكلة الأقليات اليوم مع أنها مشكلة قديمة؟ ما دفعني إلى إثارة هذه المشكلة هو أن إهمال هذه القضايا وعدم معالجتها معالجة جذرية بمعاملة الأقليات المواطنة معاملة انسانية تليق بهم كمواطنين خلقت لدينا في الوطن العربي والخليج مشاكل مزمنة منها تزايد الضغوط الدولية علينا لتحسين أوضاع الأقليات لدينا، كما أن اهمال هذه القضية خلق لدينا حروبا أهلية في السودان والعراق والجزائر·
هل دول الخليج العربية بعيدة عن الفتنة الطائفية؟ لا نتصور ذلك· إن ما يقال عن سياسات حكومية خليجية تتعلق بتهميش وعدم احترام حقوق الأقليات خصوصاً الأقلية الشيعية والمسيحية ستترتب عليها أبعاد سياسية قد لا تعيها دول الخليج المحافظة·
الأزمة الطائفية في العراق والتدخل الإيراني في الشؤون العراقية سوف يؤثران حتماً على الشيعة في دول الخليج العربية خصوصاً في الكويت والبحرين والسعودية، فالأقليات الشيعية بدأت تطرح مطالب مشروعة تدعو في مجملها إلى تحسين أوضاعهم المعيشية ومساواتهم بإخوتهم السُنة من المواطنين، كما يطالبون بتسهيل بناء دور العبادة لهم من مساجد وحسينيات·
الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإيران حول المفاعل النووي قد تستغلها إيران بتحريك الأقليات الشيعية في العراق والخليج لرفع شعارات معادية للولايات المتحدة وتواجدها في دول المجلس· لذلك علينا الاهتمام بالوحدة الوطنية بين الشعب الواحد ومحاربة كل الأفكار التكفيرية والجهادية التي تكفر الشيعة وتدعو إلى محاربة المسيحيين في بلداننا· هذه المهمة ليست بالعملية السهلة، خصوصاً وأن اتخاذ القرارات التاريخية لا يتم بسرعة في منطقة الخليج·