أميركا تستعطف الصين وروسيا
ها هو توماس فريدمان يطل علينا مرة أخرى في مقاله المنشور يوم السبت على صفحات ''وجهات نظر'' يظهر فيه وكأنه يستدر عطف الصين وروسيا، بالإضافة إلى الهند من أجل المساهمة في حل أزمة الملف النووي الإيراني الذي يبدو أن الولايات المتحدة، من موقعها الحالي في منطقة الشرق الأوسط والعالم ككل، أصبحت عاجزة على منع مسيرة إيران نحو اكتساب التكنولوجيا النووية التي ستمهد لها الطريق حتما نحو حيازة الأسلحة النووية· فرغم القوة العسكرية الهائلة للولايات المتحدة التي لا توازيها أية قوة عالمية أخرى، ورغم حجم الإنفاق العسكري الذي يفوق الخيال تستجدي واشنطن على لسان فريدمان العون والمساعدة من الصين وروسيا والهند داعية إياهم أن يلعبوا دورهم الإقليمي ويساهمـــوا في ضمان استقرار النظاــم العالمي·
وبالطبع كان على فريدمان أن يصور أن من مصلحة روسيا والصين تحديداً إبقاء الوضع العالمي على ما هو عليه، وعدم خلخلة التوازن القائم حالياً بما يعني المحافظة على الهيمنة الأميركية على العالم، وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تريد أميركا أن تصول وتجول في ربوعها دون رادع ولا معارض· فهي من ناحية تساند إسرائيل في سياساتها التعسفية ضد الشعب الفلسطيني وتتلكأ في الدفع بالسلام العادل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة كما أعلنت هي نفسها مراراً لكن دون أن تتحرك في ذات الاتجاه، ومن ناحية أخرى تسعى للسيطرة على العراق والاستحواذ على نفطه· والأكثر من ذلك تتطلع الولايات المتحدة للهيمنة على دول آسيا الوسطى التي كانت تابعة في وقت من الأوقات إلى الاتحاد السوفييتي وتطبخ فيها الثورات تلوى الثورات منصبة وكلاءها حكاما باسم الديمقراطية·
في ظل هذا الوضع كيف يريد فريدمان لروسيا أن تساعد أميركا في تطويق إيران وهي التي تزاحم روسيا في تركتها القديمة ومجالها الحيوي· وبالمثل كيف يطلب من الصين الضغط على إيران في الوقت الذي يحتاج فيه اقتصادها إلى تدفق النفط الإيراني لإدارة عجلة اقتصادها· إن ما يطلبه فريدمان إنما يعبر في الأخير عن الأنانية الأميركية التي لا تتردد في رفع الأحادية عندما تغزو العراق، لكنها ترفع يافطة التعاون الدولي عندما تغرق في الأوحال والمستنقعات·
عصام عبدالستار- أبوظبي