يفترض على الأقليات التي كانت تعاني من الظلم تحت نظام حكم ما أن تتصرف بطريقة تختلف عن الطريقة التي كان يتعامل بها ظالموها عندما يتغير ذلك النظام وتتغير الأحوال التي كانت تعيش فيها· أقول هذا الكلام بعد أن قرأت ما أعلنه عبد العزيز الحكيم زعيم ''المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق'' ورئيس قائمة ''الائتلاف العراقي الموحد'' من ضرورة اتخاذ نتيجة الانتخابات البرلمانية الأخيرة كأساس للعملية السياسية في العراق ومعارضته لتشكيل حكومة وحدة وطنية· وعبد العزيز الحكيم بذلك ينزع المصداقية عن كل الدعاوى الشيعية بوقوع ظلم تاريخي على الطائفة خلال الحكومات العراقية المتعاقبة منذ استقلال العراق في أوائل عشرينيات القرن الماضي· فها هو أحد زعمائهم الكبار يقوم عندما توافرت له الظروف التي يعتقد أنها ستمكنه من تبوء الدور الرئيسي في العملية السياسية في العراق بالسعي إلى الاستئثار بنصيب الأسد في الحكم وحرمان التيارات الأخرى من المشاركة الفاعلة، ورفض تعديل الدستور الجديد· ليس هناك من تفسير آخر لتصريحات الحكيم في هذا الشأن خصوصا إذا ما تذكرنا أن هناك الكثير من القوى العراقية والتي تبلغ 50 حزباً وائتلافاً سياسياً قد اعترضت على نتائج تلك الانتخابات التي اعترفت المفوضية العامة المشرفة عليها أن خروقات عديدة قد وقعت بها، وأن هذه الخروقات قد تركزت في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية في الجنوب، وذات الأغلبية الكردية أو التي تتميز بوجود كردي كثيف في الشمال· كان على الحكيم على الأقل أن ينتظر حتى يتم البت في تلك الشكاوى قبل أن يسارع بالكشف عن وجهه الحقيقي الراغب في الهيمنة والاستئثار بالسلطة متخلياً عن كافة تصريحاته ووعوده قبل الانتخابات، ونازعاً المصداقية عن دعاوى الظلم التي تعرضت لها طائفته عندما يقوم بممارسة نفس الدور الذي كان يدعي أن مضطهدي طائفته قد قاموا به على امتداد عقود·
إبراهيم صالح- بغداد